#تقرير_خاص: كأس العالم 2034 في السعودية: حقوق الإنسان على المحك
علي الزنادي
منذ تأسيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عام 1904، قدم الاتحاد نفسه بوصفه أكثر من مجرد هيئة رياضية، زاعمًا أنه حامل للقيم الإنسانية، يسعى إلى تغيير العالم من خلال كرة القدم. لكن مع توالي الأحداث، أصبحت الشعارات التي يرفعها الفيفا حول القيم الإنسانية موضع تساؤل، خاصة في ظل تعامله مع ملفات استضافة كأس العالم، وآخرها ملف استضافة السعودية لكأس العالم 2034.
يواجه فيفا انتقادات حادة من منظمات حقوقية، منها "العفو الدولية" و"تحالف الرياضة والحقوق"، التي طالبت بتعليق الملف السعودي؛ مشيرة إلى سجل المملكة المقلق في حقوق الإنسان. وأكدت هذه المنظمات ضرورة إعلان إصلاحات حقوقية جذرية قبل منح السعودية شرف الاستضافة، في محاولة للضغط على المملكة لتحسين سجلها الحقوقي. يأتي ذلك في وقت من المقرر أن يحسم فيه الاتحاد قراره النهائي حول الجهة المستضيفة في 11 ديسمبر المقبل.
الجانب الإنساني في الرياضة: شعارات فيفا على المحك
تظهر الانتقادات الموجهة إلى الفيفا انقسامًا كبيرًا بين شعاراته التي تتحدث عن القيم الإنسانية، وبين سياساته الفعلية، حيث يراه النقاد مقصرًا في الالتزام بمعايير حقوق الإنسان التي يدعيها. فاستضافة بلد ما لكأس العالم ليست مجرد تنظيم لحدث رياضي عالمي، بل تعني دعمًا غير مباشر لحكومته، مما يجعل الالتزام بمعايير حقوقية أمرًا بالغ الأهمية.
منظمة "هيومن رايتس ووتش" أعربت بدورها عن قلقها إزاء أوضاع العمالة الوافدة في السعودية، حيث تتفشى هناك ممارسات استغلالية مثل مصادرة وثائق الهوية، وعبودية الديون، وعدم توفير ظروف عمل لائقة. وعلى الرغم من أن الحكومة السعودية تدعي مراجعة قوانين العمل، لا تقدم وثائق ملفها لاستضافة المونديال ما يثبت إعطاء أولوية لحماية هؤلاء العمال أو تحسين أوضاعهم.
التناقض بين مصالح فيفا وحقوق العمال
التفاؤل الذي تبديه الفيفا إزاء التحسينات التدريجية لحقوق الإنسان في دول مثل السعودية قد يظهر للبعض رغبة في دعم التطورات الإيجابية، ولكن بالمقابل، يرى الكثيرون أن تجاهل انتهاكات حقوق العمال يعكس تناقضًا بين المصالح المادية والأخلاقية للاتحاد الدولي. إذ لا يمكن تجاهل أن العمال الوافدين سيكونون العمود الفقري للبنية التحتية لهذا الحدث الضخم، ما يجعل التغاضي عن حقوقهم أمرًا غير مقبول.
الأمل في ضغط دولي لتغيير الواقع
بفضل الوعي المتزايد بحقوق الإنسان، بات من الصعب على المؤسسات العالمية مثل فيفا التهرب من مسؤولياتها الأخلاقية. لذا، سيكون القرار النهائي المرتقب في ديسمبر اختبارًا حقيقيًا لمدى مصداقية الاتحاد الدولي، ويطرح السؤال الجوهري: هل ستسمح الفيفا بتقديم كأس العالم على حساب المبادئ التي تروج لها، أم أنها ستتخذ موقفًا صارمًا يسهم في تحقيق إصلاحات حقيقية؟
ختامًا، أصبحت استضافة الأحداث الرياضية العالمية أكثر تعقيدًا، إذ لم تعد مسألة تتعلق بالبنية التحتية فقط، بل هي بمثابة التزام بحقوق الإنسان وكرامة العاملين، مما يجعل من الضروري الضغط لتأكيد أن الرياضة يمكن أن تكون أداة للعدالة، لا منصة لتجاهلها.
أضيف بتاريخ :2024/11/13