#تقرير_خاص: نيوم بين الطموح والواقع: كيف يؤثر ارتفاع التكاليف على رؤية السعودية؟
رضوى العلوي
في عام 2017، أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن مشروع نيوم، المدينة المستقبلية العملاقة التي تمثل ركيزة أساسية لرؤية 2030، وتبلغ قيمتها التقديرية 500 مليار دولار. كانت نيوم حلماً جريئاً لتغيير الاقتصاد السعودي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحقيق تقدم تكنولوجي عالمي. ولكن مع مرور الوقت، بدأت التحديات تتضح، حيث أثرت التكاليف الباهظة والضغوط الاقتصادية على مسار تنفيذ المشروع.
التركيز على الأولويات الجديدة:
وفقاً لتقارير حديثة، تواجه نيوم تعديلات جذرية في خططها. ارتفاع تكاليف التنفيذ دفع إلى تقليص بعض جوانب المشروع، والتركيز على العناصر الأساسية التي ستدعم استضافة الفعاليات الرياضية العالمية، وعلى رأسها كأس العالم 2034. مشروع "ذا لاين"، الذي يُعتبر واحداً من أكثر عناصر نيوم طموحاً، لم ينجُ من هذه التعديلات، حيث يتم تقليص حجمه وتحويل موارده لتحقيق أهداف أكثر واقعية.
الرهان على الرياضة كأداة جذب عالمي:
الرياضة أصبحت أداة استراتيجية لجذب الأنظار والاستثمارات إلى المملكة. استضافة الفعاليات العالمية مثل كأس العالم 2034 تعكس رغبة السعودية في تقديم نفسها كوجهة عالمية للسياحة والرياضة. التركيز على إنشاء بنية تحتية رياضية متطورة قد يكون خطوة ذكية، لكنه يعكس أيضاً تحولاً في الأولويات بعيداً عن المشاريع المستقبلية ذات المخاطر العالية.
ما وراء الأرقام: الأثر على رؤية 2030
تعتمد رؤية 2030 على تنويع الاقتصاد السعودي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحويل المملكة إلى مركز عالمي للأعمال والتكنولوجيا. لكن تحديات التمويل، وتباطؤ جذب المستثمرين، والضغوط العالمية على الاقتصاد تعيد تشكيل المشهد. تقليص مشروع نيوم قد يشير إلى تراجع في الطموحات الأصلية للرؤية، وهو ما يستدعي إعادة تقييم استراتيجية الإنفاق لتحقيق أهداف مستدامة.
أسباب التحديات:
ارتفاع التكاليف: تضخم أسعار المواد الخام، وزيادة تكاليف البناء أثرت على ميزانيات المشروع.
غياب الشفافية: غموض القرارات، مثل إقالة نظمي النصر، أثار تساؤلات حول الإدارة.
محدودية الدعم الدولي: ضعف تفاعل المستثمرين الأجانب مع المشروع قد يكون مؤشراً على التحديات البيئية والاجتماعية والسياسية.
بينما يظل مشروع نيوم أيقونة لرؤية السعودية الطموحة، فإن تحجيم الطموحات ليس بالضرورة إخفاقاً، بل قد يكون تصحيحاً لمسار التنمية. التركيز على أولويات مثل استضافة الأحداث الرياضية العالمية يمكن أن يوفر فوائد اقتصادية ملموسة، ويعزز صورة المملكة على الساحة الدولية. ومع ذلك، فإن النجاح يتطلب شفافية أكبر، وتعاوناً مع المستثمرين، وتوجهاً واضحاً نحو تحقيق أهداف رؤية 2030 بعيداً عن التحديات المالية.
يبقى مشروع نيوم قصة طموح استثنائي، لكنه أيضاً تذكير بأن الطموحات الكبرى تحتاج إلى أسس متينة وقدرة على التكيف مع الواقع. السعودية أمام فرصة حقيقية لتعظيم الاستفادة من مواردها وتقديم نموذج مستدام للتنمية.
أضيف بتاريخ :2024/11/17