#تقرير_خاص: بين مكافحة الجوع عالمياً ومعالجة الفقر محلياً.. السعودية أمام مفترق طريق
علي الزنادي
تتخذ السعودية خطوات طموحة على الصعيد الدولي بانضمامها إلى التحالف العالمي لمكافحة الجوع والفقر، وهو ما أُعلن عنه في قمة العشرين بالبرازيل، بينما تبدو هذه الجهود إيجابية في إطارها الإنساني الدولي، تُطرح تساؤلات محلية تتعلق بمدى انسجام هذا الدور العالمي مع واقع الفقر داخل المملكة نفسها.
الفقر المحلي في سياق الطموحات الدولية:
يُوثق تقرير للأمم المتحدة أن معدل الفقر في السعودية يقترب من 14%، وهو معدل يُظهر الحاجة الملحة لمعالجة المشكلات المعيشية داخلياً.
وعلى الرغم من أن المملكة تُعد من أغنى الدول عالمياً بفضل عائدات النفط، فإن الفقر موجود ويُعبر عن نفسه في عدة صور، بدءاً من حملات التبرعات المكثفة للجمعيات الخيرية، وصولاً إلى مشاريع إغاثية تُطلق محلياً لخدمة المحتاجين.
تناقضات داخلية
بدلاً من التركيز على معالجة جذور الفقر، اتجهت السلطات إلى ما يمكن وصفه بحلول سطحية؛ مثل تشديد العقوبات على المتسولين بدلاً من تقديم حلول اقتصادية واجتماعية دائمة، هذا التناقض يدعو إلى التساؤل: هل يمكن للمملكة أن تكون رائدة في محاربة الجوع عالمياً بينما لا تزال تعاني من مشاكل محلية متعلقة بالفقر؟
جهود خيرية محلية تكشف الواقع:
النشاط المكثف للجمعيات الخيرية يبرز الفجوة بين الحاجة الملحة للمساعدة والجهود الرسمية لمعالجة الفقر. على سبيل المثال:
جمعية مضر الخيرية: دعمت 799 أسرة بمبلغ يقارب 776 ألف ريال.
جمعية القطيف الخيرية: قدمت مساعدات طلابية ومنحاً تعليمية.
هذه الجهود، رغم أهميتها، تعكس الحاجة إلى تدخل حكومي أكثر تنظيماً وشمولية لمعالجة الفقر.
أهمية التوازن بين المحلي والدولي:
التحرك على المستوى الدولي يعزز الصورة الدبلوماسية والإنسانية للسعودية، لكنه لا يجب أن يأتي على حساب المواطن السعودي، فالمصداقية الدولية تبدأ من الداخل.
الاستثمار في مشاريع تنموية محلية سيكون له أثر مضاعف، إذ يُحسن من حياة المواطنين ويزيد من ثقة العالم في قدرة المملكة على تحقيق أهدافها الدولية.
ضرورة وضع خطط حكومية شاملة لمعالجة الفقر المحلي، تشمل تعزيز البرامج الاجتماعية، وزيادة الدعم للفئات الأكثر احتياجاً، وإيجاد حلول للبطالة، وتمكين الجمعيات الخيرية.
إن تحقيق التوازن بين معالجة قضايا الفقر عالمياً ومحلياً ليس فقط ضرورة أخلاقية، بل استراتيجية تعزز مكانة السعودية كمثال يُحتذى به عالمياً، فالنجاح على الصعيد الدولي يبدأ أولاً من الداخل، حيث تُبرهن الدولة على قدرتها في أن تكون نموذجاً حقيقياً للتغيير الإيجابي.
أضيف بتاريخ :2024/11/20