التقارير

#تقرير_خاص: التطبيع والتهجير: معضلة السلام في الشرق الأوسط

علي الزنادي

تتزايد المخاوف من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من غزة، حيث تثير هذه الفكرة جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية. إن الصمت السعودي والإماراتي حيال هذه الخطة يعكس حالة من التردد والقلق، خاصةً في ظل التوترات المتزايدة في المنطقة.

إن اقتراح ترامب بإزالة الفلسطينيين من غزة ونقلهم إلى دول مجاورة مثل الأردن ومصر ليس مجرد فكرة عابرة، بل هو تجسيد لسياسات قديمة جديدة تسعى إلى تغيير التركيبة السكانية للمنطقة. هذا الاقتراح يهدد بتكرار مأساة النكبة عام 1948، حيث أُجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم.

من الواضح أن اليمين الإسرائيلي المتطرف يرى في هذه الخطة فرصة لتحقيق أهدافه السياسية، حيث رحب بعض السياسيين الإسرائيليين بالفكرة واعتبروها حلاً للأمن والسلام. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن أن يكون التهجير حلاً دائمًا؟ التاريخ يشير إلى أن التهجير القسري غالبًا ما يؤدي إلى مزيد من العنف والصراع.

الأردن ومصر، اللذان يعتبران ملاذًا للفلسطينيين، يواجهان تحديات كبيرة إذا ما تم تنفيذ هذه الخطة. فهما لا يرغبان في تحمل تبعات أزمة إنسانية جديدة قد تؤدي إلى زعزعة استقرارهما الداخلي. كما أن أي محاولة لتكرار النكبة ستقابل برفض شعبي ورسمي قوي.

في الوقت نفسه، يبدو أن السعودية والإمارات تتبنيان سياسة الصمت الانتقائي تجاه هذه القضية الحساسة. فبينما يسعى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للتطبيع مع إسرائيل، إلا أنه يدرك تمامًا أن ذلك لا يمكن أن يتم على حساب حقوق الفلسطينيين. إن موقفهما الغامض قد يعكس رغبة في الحفاظ على توازن دقيق بين المصالح الإقليمية والدولية.

ومع ذلك، فإن التطبيع مع إسرائيل يجب أن يرتبط بإقامة دولة فلسطينية مستقلة كشرط أساسي. إن أي خطوة نحو التطبيع دون معالجة القضية الفلسطينية ستؤدي إلى تفاقم الأزمات وتفكيك الإجماع العربي حول حقوق الفلسطينيين.

في النهاية، يتطلب الوضع الحالي رؤية شاملة وحلولاً مستدامة تأخذ بعين الاعتبار حقوق جميع الأطراف المعنية. إن السلام الحقيقي لا يمكن تحقيقه عبر التهجير أو الإقصاء، بل يتطلب الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وإيجاد حل عادل وشامل للصراع المستمر منذ عقود.

إن العالم اليوم بحاجة ماسة إلى قيادات حكيمة تتجاوز المصالح الضيقة وتعمل نحو تحقيق سلام دائم يستند إلى العدالة والمساواة للجميع في المنطقة.

أضيف بتاريخ :2025/02/06

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد