عبدالله القصاب
في خضم التحولات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، تبرز خطة ترامب للسيطرة على غزة كأداة جديدة في محاولة استمالة السعودية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل. بعد نجاح الإمارات في تحقيق اتفاقية تطبيع مع تل أبيب، يبدو أن ترامب يسعى لتكرار هذا النموذج مع الرياض، ولكن هل ستقبل السعودية بهذه الصفقة المشبوهة؟

تاريخياً، كانت المملكة العربية السعودية تعتبر القضية الفلسطينية من أولويات سياستها الخارجية. ومع ذلك، فإن الضغوطات المتزايدة من الولايات المتحدة قد تدفع الرياض إلى إعادة تقييم موقفها. فهل يمكن أن تكون خطة ترامب بمثابة طُعم لجذب السعودية نحو التطبيع دون تقديم أي تنازلات حقيقية للفلسطينيين؟

خطة السلام التي طرحها ترامب في عام 2020 كانت تتضمن تقديم المزيد من الأراضي لإسرائيل، مما أثار ردود فعل غاضبة من الفلسطينيين والدول العربية. لكن الإمارات استطاعت أن تحقق ما لم يستطع الآخرون: تطبيع العلاقات مقابل تخلي إسرائيل عن خطط الضم. هذه المعادلة قد تكون نموذجاً يسعى ترامب لتطبيقه مع السعودية.

المسؤولون الإسرائيليون يرون أن الرسالة الموجهة للسعودية عبر خطة غزة ليست مجرد ضغط على حماس، بل هي دعوة مباشرة للرياض للانضمام إلى ركب التطبيع. وفي هذا السياق، يعتقد نتنياهو أن السلام مع السعودية ليس مجرد حلم بعيد المنال بل هو هدف قابل للتحقيق.

لكن السؤال يبقى: هل ستضحي السعودية بمصالح الفلسطينيين مقابل مكاسب سياسية قصيرة الأمد؟ إن قبول الرياض بخطة ترامب يعني التخلي عن موقفها التقليدي الداعم للقضية الفلسطينية، وهو ما قد يؤدي إلى ردود فعل سلبية داخل المملكة وخارجها.

من جهة أخرى، فإن التوجه نحو التطبيع قد يفتح أمام السعودية آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي والأمني مع إسرائيل والولايات المتحدة. ولكن هل يستحق ذلك المخاطرة بفقدان الدعم الشعبي الذي تحظى به القضية الفلسطينية؟

في النهاية، تبقى الأمور غامضة حول كيفية تعامل الرياض مع هذه الضغوطات. فبينما تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل لتحقيق مصالحهما الخاصة، يبقى الأمل قائماً في أن تتمسك السعودية بمبادئها وتدعم حقوق الفلسطينيين بدلاً من الانجرار وراء صفقات مشبوهة لا تعود بالنفع على المنطقة بأسرها.