عاجل

التقارير

#تقرير_خاص: صفقات الدفاع الأمريكية-السعودية: هل هي مجرد دعاية أم خطوة استراتيجية؟

عبدالله القصاب

في ظل التوترات الإقليمية والتحديات الأمنية التي تواجه المنطقة، تظل العلاقات الأمريكية السعودية محورًا أساسيًا في السياسة الدولية. مؤخراً، أبرمت إدارة ترامب صفقة دفاعية بقيمة 142 مليار دولار مع المملكة، ووصفتها بأنها "أكبر اتفاقية مبيعات دفاعية في التاريخ". لكن، مع غموض التفاصيل وتباين الأرقام، يطرح الكثيرون تساؤلات حول مدى صحة هذه الادعاءات وأهدافها الحقيقية.

اللافت أن الإعلان عن الصفقة جاء في وقت تزايدت فيه الحاجة إلى تعزيز القدرات العسكرية للمملكة، خاصة في ظل التهديدات الإقليمية المتصاعدة. إلا أن المنتقدين يشيرون إلى أن الرقم المعلن قد يكون مبالغًا فيه أو على الأقل غير دقيق، خاصة وأن ميزانية الدفاع السعودية لهذا العام لا تتجاوز 78 مليار دولار وفق تقديرات خبراء مثل بروس ريدل.

هذه الفجوة الكبيرة بين الرقم المعلن والميزانية الفعلية تثير الشكوك حول دوافع الإعلان. هل هو مجرد محاولة لخلق صورة قوة ونجاح دبلوماسي، أم أنه جزء من استراتيجية أوسع لتعزيز النفوذ الأمريكي في المنطقة؟ برايان كاتوليس يرى أن الأمر يتعلق بالمظهر أكثر منه بالواقع، وأن الهدف هو إرسال رسالة طمأنة بعد سنوات من الغموض والتوتر في العلاقات الثنائية.

من ناحية أخرى، فإن مثل هذه الصفقات الضخمة غالبًا ما تكون ذات أبعاد سياسية واستراتيجية أكثر منها اقتصادية فقط. فهي تعكس رغبة الولايات المتحدة في الحفاظ على حلفائها وتعزيز قدراتهم العسكرية لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية. وفي الوقت ذاته، فإن الإعلان عن أرقام ضخمة قد يكون وسيلة للضغط على الرأي العام أو لإظهار القوة أمام المنافسين الإقليميين والدوليين.

لكن من المهم أيضًا أن نضع في اعتبارنا أن الشفافية والوضوح ضروريان لفهم مدى جدوى هذه الصفقات وتأثيرها الحقيقي على الأمن والاستقرار الإقليمي. فغياب التفاصيل الدقيقة يفتح الباب أمام التكهنات ويزيد من الشكوك حول نوايا الأطراف المعنية.

وفي النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل ستترجم هذه الصفقات إلى تحسين ملموس في القدرات الدفاعية للمملكة العربية السعودية؟ أم أنها مجرد أدوات دعائية تهدف إلى تعزيز الصورة الخارجية للولايات المتحدة وتحقيق مكاسب سياسية داخلية وخارجية؟

إنها مسألة تتطلب تقييمًا دقيقًا ومتوازنًا بعيدًا عن الدعاية والإعلانات الرسمية فقط. فالأمن والاستقرار الإقليميان يتطلبان شراكة واضحة وشفافة تعتمد على مصالح مشتركة وليس على الأرقام المبالغ فيها أو الرسائل الإعلامية.

وفي ظل غموض الأرقام والتصريحات المتباينة، يبقى الرهان على مدى قدرة الأطراف المعنية على ترجمة هذه الصفقات إلى واقع ملموس يعزز أمن المنطقة ويحقق مصالح شعوبها بشكل حقيقي ومستدام.

أضيف بتاريخ :2025/05/17

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد