عاجل

التقارير

#تقرير_خاص: الصفقات أولًا: بين براغماتية ترامب وطموحات الخليج الاستراتيجية

علي الزنادي

من جديد، يعود الحديث عن تقاطع المصالح بين الولايات المتحدة ودول الخليج إلى الواجهة، وهذه المرة في ظل توقعات بعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أو على الأقل استمرار تأثير نهجه السياسي القائم على منطق الصفقة. فالعلاقات الأميركية الخليجية تدخل مرحلة جديدة، عنوانها: المصالح أولًا، والاعتبارات الجيوسياسية ثانيًا.

بحسب تقرير نشرته سي إن إن، فإن دول الخليج ترى في هذا النهج فرصة سانحة للحصول على مكاسب استراتيجية طال انتظارها. فالسعودية، على سبيل المثال، تطمح لاتفاقية أمنية تاريخية تؤمّن لها مظلة دفاعية أميركية، إلى جانب برنامج نووي مدني بدعم مباشر من واشنطن، في مسعى واضح لإعادة التوازن الإقليمي في وجه طموحات إيران النووية.

الإمارات، بدورها، تقرأ المرحلة بلغة مختلفة، إذ تركز على التحول إلى مركز تكنولوجي متقدم، وتسعى لرفع القيود الأميركية المفروضة على تصدير الرقاقات المتقدمة. الطموح هنا لا يقتصر على الجانب العسكري أو الأمني، بل يمتد إلى آفاق استراتيجية في الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.

أما قطر، فتلعب ورقتها المعتادة: الدبلوماسية. إذ تسعى لترسيخ دورها كوسيط إقليمي لا غنى عنه، خاصة في ملفات مشتعلة كغزة وسوريا. القدرة القطرية على المناورة والوساطة جعلتها شريكًا مهمًا لواشنطن، خاصة في الأوقات التي يعزّ فيها الحل الدبلوماسي.

لكن رغم هذا التقاطع الظاهري في المصالح، تبرز عقبات جوهرية. فنهج ترامب، المبني على الصفقات السريعة والمربحة، لا يُعير اهتمامًا كبيرًا لتفاصيل الاتفاقات بعيدة المدى، والتي تحتاج إلى بنى قانونية ومؤسساتية أكثر رسوخًا. هنا، قد تصطدم طموحات الخليج بحسابات رجل الأعمال الذي يسكن عقل الرئيس السابق.

التحالفات الكبرى لا تُبنى على الصفقات فقط، بل تحتاج إلى ثقة، واستقرار في السياسة الخارجية، وتوازن في المصالح. وهو ما قد يصعب تحقيقه في ظل رئيس يتعامل مع العلاقات الدولية كجدول أعمال تجاري، وليس كمشروع استراتيجي مستدام.

الفرصة قائمة، لكن المخاطر أيضًا حاضرة. فدول الخليج تسعى لتثبيت مكاسبها في لحظة دولية مضطربة، بينما واشنطن – أو على الأقل تيار ترامب فيها – تسعى لمكاسب اقتصادية وعسكرية قصيرة الأمد.

الخلاصة أن العلاقة الأميركية الخليجية على أعتاب تحول كبير، قد يُفضي إلى شراكات جديدة أو إلى خيبات مألوفة، حسب قدرة الطرفين على تجاوز منطق الصفقة المؤقتة نحو بناء شراكة استراتيجية متوازنة ومستقرة.

في نهاية المطاف، قد تكون "الصفقة الكبرى" حلمًا مشتركًا، لكن الطريق إليها مليء بالتفاصيل التي لا تعترف بها عقلية ترامب البراغماتية، فهل تنجح دول الخليج في فرض رؤيتها أم تكون الضحية التالية لنزعة المصلحة السريعة؟

أضيف بتاريخ :2025/05/17

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد