عاجل

التقارير

#تقرير_خاص: السعودية: بين حلم السياحة وواقع التحديات

عبدالله القصاب

في ظل الترويج الإعلامي المكثف، أعلنت السعودية عن خارطة سياحية تمتد لخمسين عامًا تحت اسم “TOURISE”، بزعم أنها تجاوزت هدف “رؤية 2030” بجذب 100 مليون زائر سنويًا قبل موعده المحدد بسبع سنوات. لكن الأرقام الرسمية تكشف عن صورة مغايرة تمامًا للادعاءات، وتثير تساؤلات حول مدى واقعية هذا الطموح ومدى انعكاسه على حياة المواطنين.

بحسب البيانات الرسمية، فإن أكثر من 70 مليون من هؤلاء الزوار هم من داخل المملكة نفسها، وهو رقم يعكس بشكل واضح أن السياحة الداخلية هي المحرك الأساسي لهذا القطاع، وليس الزوار الأجانب كما يُروج له. إذن، هل يمكن اعتبار أن السعودية حققت إنجازًا سياحيًا حقيقيًا أم أن الأمر مجرد استغلال لصور التقدم الخارجي لإخفاء الواقع الداخلي؟

اللافت أن عدد الزوار الأجانب لم يتجاوز 27 مليونًا، وهو رقم لا يرقى إلى الطموحات التي تروج لها الحكومة. هذا يعكس تحديات كبيرة تواجهها السعودية في جذب السياح من الخارج، سواء بسبب القيود المفروضة على الحريات العامة أو بسبب قوانين التعامل مع الأجانب والنشطاء التي تظل صارمة.

وفي الوقت الذي تنفق فيه المملكة مبالغ هائلة على مشاريع ترفيهية ضخمة لجذب السياح واستقطاب الاستثمارات العالمية، تستمر القيود الداخلية على حرية التعبير وحقوق المرأة في فرض قيود على المجتمع المحلي. فهل يمكن أن تتوافق هذه السياسات مع مفهوم السياحة المفتوحة والمرحبة بالزوار الدوليين؟

كما أن السياسات الاقتصادية الداخلية تتسم بالتقشف وارتفاع الضرائب والأسعار، مما يثقل كاهل المواطنين خاصة الفئات الفقيرة والشباب العاطلين عن العمل. فهل يمكن الحديث عن نهضة حقيقية بينما يعاني المواطنون من أعباء معيشية متزايدة؟ وهل تعتبر المشاريع الترفيهية مجرد واجهة لتمويه الواقع الاقتصادي والاجتماعي؟

من جهة أخرى، تعتمد الرياض بشكل كبير على عقد قمم ومؤتمرات دولية تستقطب المستثمرين والخبراء حول العالم، في محاولة لتلميع صورتها الدولية وجذب الاستثمارات الأجنبية. لكن هل هذه الجهود كافية لتعويض غياب بيئة سياسية واجتماعية أكثر انفتاحًا وتحررًا؟

المفارقة الكبرى تكمن في أن هذه المشاريع تُسوّق للعالم كدليل على “النهضة”، بينما لا يشعر المواطنون بأي تحسن ملموس في حياتهم اليومية. فالأزمات الاقتصادية والاجتماعية لا تزال قائمة، والطبقات الفقيرة والشباب يعانون من البطالة والفقر.

إن الصورة التي تقدمها السعودية عن نفسها كوجهة سياحية عالمية متقدمة تتناقض بشكل واضح مع واقع حقوق الإنسان والحريات الأساسية فيها. فهل يمكن بناء مستقبل سياحي مستدام ومتوازن دون معالجة هذه القضايا الجوهرية؟

وفي النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستنجح السعودية في تحقيق رؤيتها السياحية الطموحة فعلاً أم ستظل مجرد أرقام وإعلانات ترويجية تخفي خلفها تحديات عميقة؟ وما هو الثمن الذي يدفعه المواطنون مقابل هذا الحلم الكبير؟

أضيف بتاريخ :2025/05/25

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد