#تقرير_خاص: الحج بين السياسة والديانة: هل أصبح موسمًا للملاحقة والانتقام؟

عبدالله القصاب
في ظل التطورات الأخيرة التي شهدتها المملكة العربية السعودية، تتكشف ملامح جديدة لسياسة تسييس الحج، وتحويله من مناسبة دينية تجمع المسلمين حول العالم إلى ساحة للصراعات السياسية والانتقامات. اعتقال حجة الإسلام غلام رضا قاسميان، ورفض السلطات السعودية لشيخ نيجيري رغم حصوله على تأشيرة، يثيران تساؤلات عميقة حول مستقبل هذا الركن الإسلامي العظيم.
يبدو أن بعض الحكومات تستخدم موسم الحج كوسيلة للضغط على المعارضين أو المنتقدين، بدلاً من أن يكون فرصة لتعزيز الوحدة والتسامح بين المسلمين. فإيقاف الشيخ أحمد غومي بسبب آرائه السياسية يعكس استغلالًا غير مقبول لمكانة الحج الدينية لتحقيق أهداف سياسية ضيقة، وهو ما يتنافى مع روح الإسلام التي تدعو إلى السلام والتآلف.
إن نشر مقاطع الفيديو التي تنتقد الأوضاع في السعودية، ثم الاعتقال على خلفية ذلك، يسلط الضوء على تدهور حرية التعبير في بيئة يُفترض أن تكون مقدسة للجميع. فالحج يجب أن يكون مساحة للتعبير عن الرأي بحرية واحترام متبادل، وليس أداة لقمع الأصوات المعارضة أو فرض الوصاية على الحجاج.
من المؤسف أن تتحول مناسك الحج إلى ساحة لصراعات سياسية وانقسامات داخل الأمة الإسلامية. فبدلاً من أن يكون موسمًا للتقارب والتآخي بين الشعوب الإسلامية، يُستخدم أحيانًا كوسيلة للانتقام أو فرض النفوذ السياسي، مما يهدد وحدة المسلمين ويضعف مكانة هذا الركن العظيم.
وفي الوقت الذي يفترض فيه أن تتكاتف جهود الدول الإسلامية لتعزيز قيم التسامح والاحترام المتبادل خلال موسم الحج، نجد بعض الجهات تسعى لتسييس هذه الفريضة وتحويلها إلى أداة للانتقام السياسي. هذا التصرف يضر بصورة الإسلام ويعكس صورة مشوهة عن الدين الحنيف الذي يدعو إلى الرحمة والسلام.
كما أن منع الشيخ النيجيري أحمد غومي من أداء فريضة الحج رغم حصوله على التأشيرة يعكس انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان وحرية العبادة. فالحج حق مشروع لكل مسلم بغض النظر عن خلفيته السياسية أو آرائه الشخصية، ويجب احترام ذلك وعدم استخدامه كورقة ضغط أو عقاب.
هذه السياسات تثير مخاوف كبيرة حول مستقبل موسم الحج كمناسبة تجمع المسلمين من مختلف أنحاء العالم في عبادة واحدة. إذ كيف يمكن لمكان مقدس أن يتحول إلى ساحة للصراعات السياسية؟ وكيف يمكن للدول أن تبرر مثل هذه التصرفات التي تتنافى مع مبادئ الدين الإسلامي السمحة؟
على المجتمع الدولي والمنظمات الإسلامية العمل بشكل عاجل لضمان حماية حرية الحجاج وكرامتهم أثناء أداء مناسكهم. فالحج هو عبادة روحية عظيمة يجب ألا يُختزل في صراعات سياسية أو ممارسات قمعية تسيء لصورة الإسلام وتعكر صفو هذه الفريضة المقدسة.
وفي الختام، فإن تسييس الحج وتوظيفه لأغراض سياسية يشكل خطرًا كبيرًا على وحدة الأمة الإسلامية وعلى صورة الدين أمام العالم. علينا جميعًا العمل للحفاظ على قدسية هذه المناسبة وجعلها فرصة لتعزيز السلام والتفاهم بين الشعوب بدلًا من تحويلها إلى أدوات للصراع والانقسام. فالحج هو عبادة تجمعنا جميعًا تحت راية التوحيد وليس ساحة للانتقام السياسي أو القمع.
أضيف بتاريخ :2025/05/29