التقارير

#تقرير_خاص: إيران والحرب الخفية: لماذا لا تكشف عن أوراقها دفعة واحدة؟

عبدالله القصاب

تدور الحرب بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة في أروقة الظل، حيث لا تقتصر على المواجهات العلنية فحسب، بل تتعداها إلى معارك خفية تتشابك فيها الخطط والمفاجآت غير المعلنة. فإيران، رغم ما تظهره من صمود وتحدٍ، تتخذ استراتيجية حذرة في كشف أوراقها، إذ لا تفرج عن كلّ ما لديها دفعة واحدة. هذا النهج يعكس فهمًا عميقًا لطبيعة الصراع الذي يتطلب مناورة دقيقة وتوازنًا بين القوة والاحتياط.

في 13 يونيو الماضي، أطلقت إسرائيل مفاجأة غير متوقعة على إيران، حيث شنّت عدوانًا مباغتًا أحدث أضرارًا جسيمة وأتاح لها السيطرة على الأجواء الإيرانية بشكل مؤقت. هذا الحدث لم يكن مجرد ضربة عسكرية عابرة، بل كان بمثابة رسالة واضحة أن الحرب ليست فقط ما يُرى على الشاشات، بل هناك معارك خفية تدور خلف الكواليس، تشمل خططًا بديلة وتحركات سرية لأطراف متعددة.

إيران، رغم تعرضها للخداع الاستراتيجي بمشاركة فعالة من قبل الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب، لم تكن غير مستعدة تمامًا لهذا اليوم. فهي لم تضع كلّ أوراقها على الطاولة منذ البداية؛ إذ أن هناك أسبابًا استراتيجية وراء ذلك. أحد هذه الأسباب هو تجنب إحداث أضرار كبيرة في قدراتها العملياتية التي تتحكم بالأصول الاستراتيجية للبلاد.

كما أن طهران تتوخى الحذر من دخول واشنطن الحرب بشكل مباشر، خوفًا من تصعيد قد يهدد أمنها الوطني بشكل أكبر ويعطل خططها طويلة الأمد. لذلك فهي تتخذ موقف الانتظار والتأمل، وتحتفظ بأوراق قوة يمكن استخدامها عند الحاجة أو في اللحظة المناسبة لتحقيق أقصى تأثير.

وفي سياق ذلك، يبرز موقف المرشد الإيراني علي خامنئي الذي أكد أن دخول الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل في العدوان على إيران هو مؤشر ضعف لهذا الكيان المحتل. فهذه التصريحات تعكس إدراك طهران أن التحدي الحقيقي يكمن في استنزاف قدرات العدو وإظهار نقاط ضعفه بدلاً من الانخراط في معركة مفتوحة قد تكون مكلفة جدًا.

إن استراتيجيات إيران الحالية تعكس فهمًا عميقًا لطبيعة الصراع المعقد الذي يخوضه الطرفان؛ فهي تدرك أن المفاجآت والخطط الخفية هي أدوات أساسية للحفاظ على توازن الردع وفرض شروطها في المنطقة. كما أنها تسعى إلى إدارة معركتها بحكمة حتى لا تُعرض مصالحها للخطر بشكل غير محسوب.

وفي النهاية، فإن عدم الإفراج عن كل الأوراق دفعة واحدة يعكس ذكاء استراتيجي وإدراكًا بأن الحرب ليست فقط ما يُعلن عنه علنًا وإنما أيضًا ما يُدار خلف الكواليس. فإيران تثبت مرة أخرى أنها لاعب محنك يتقن فن المناورة والتخطيط بعيد المدى لضمان مصالحه الوطنية والأمنية وسط بيئة إقليمية ودولية متغيرة باستمرار.

أضيف بتاريخ :2025/06/21

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد