#تقرير_خاص: عاشوراء تحت الحصار: تصعيد سعودي جديد ضد الشيعة في القطيف

علي الزنادي
في تكرار لنهج طالما مارسه النظام السعودي ضد مواطنيه الشيعة، تأتي قيود موسم عاشوراء لعام 2025 لتكشف بوضوح سياسة القمع الطائفي الممنهج الذي تمارسه الدولة بحق المكون الشيعي في القطيف. لم تكن هذه الإجراءات مجرد تنظيم شكلي كما تزعم السلطات، بل تمثل تصعيدًا صارخًا في محاولة نزع البعد الديني والثقافي عن مناسبة تمثل عمق الهوية العقائدية لشيعة السعودية.
القرارات الصادرة مؤخراً تضمنت سلسلة من القيود الخانقة، بدءاً بتقليص عدد المجالس الدينية المسموح لها بإحياء المناسبة، مرورًا بمنع الخطباء المستقلين من اعتلاء المنابر، وصولاً إلى فرض حظر على إقامة الشعائر بعد منتصف الليل واستخدام مكبرات الصوت. وكأن الهدف هو إسكات صوت الحسين لا تنظيم المناسبة.
أحد أخطر جوانب هذه السياسة يتمثل في القيود المناطقية التي فرضت على دخول المواطنين الشيعة من خارج القطيف إلى مجالسها، في سابقة تشير إلى توجه لفصل طائفي غير معلن. ما يحدث لا يعبر فقط عن استهداف مذهبي، بل محاولة لعزل المجتمع الشيعي وتفتيت نسيجه الداخلي.
كما شملت الإجراءات حظر إقامة أي فعالية في الساحات العامة، ومنع المضائف الحسينية التي لا ترتبط بعقود مع مطاعم معينة على صلة بالبلدية، ما يفضح حجم التضييق حتى في التفاصيل اليومية التي تميز هذه المناسبة، من إطعام الزوار إلى رفع الرايات الدينية.
السلطات السعودية لم تكتفِ بفرض القيود، بل أرفقتها بتهديدات مباشرة بعقوبات قاسية لكل من يتجاوزها، ما يعزز القناعة بأن الدولة لا تدير المناسبة كسلطة تنظيمية، بل كجهاز أمني يمارس سلطة القمع والتحكم في العقول والطقوس.
هذا التضييق يعيد إلى الواجهة سؤال الهوية والانتماء في المملكة. فبينما تُغدق السلطة على بعض التيارات الدينية بالمساحات والموارد، تُحاصر طائفة بأكملها وتُمنع من ممارسة طقوسها حتى ضمن حدودها الجغرافية.
المفارقة أن هذه الإجراءات تأتي في وقت تزعم فيه السعودية أنها تخطو نحو "الانفتاح"، بينما تقمع في الوقت نفسه تعبيرًا دينيًا سلميًا يمتد عمره قرونًا. وكأن الحريات العامة لا تشمل سوى من ينسجم مع سردية الدولة.
الأخطر من كل ما سبق هو محاولات ضرب الروابط التاريخية بين القطيف والأحساء عبر منع التنقل لحضور المجالس، وهو سلوك لا يمكن فهمه إلا في سياق محاولة عزل المجتمعات الشيعية عن بعضها وتمزيق نسيجها الاجتماعي والديني.
ما يحدث اليوم في القطيف ليس سوى فصل جديد من سياسة طائفية تُمارس بغطاء رسمي. وفي حين تحاول الدولة الترويج لصورة التسامح والانفتاح، يكشف الواقع أن قمع حرية المعتقد لا يزال أحد أبرز معالم الحكم في السعودية.
أضيف بتاريخ :2025/06/24