التقارير

#تقرير_خاص: محمد بن سلمان في مرآة الفضائح: هل يهدد التاريخ صورته الدولية؟

علي الزنادي

في ظل التطورات الأخيرة التي تلاحق ولي العهد السعودي، يظهر المشهد السياسي والإعلامي صورة أكثر تعقيدًا ودرامية عن شخصية محمد بن سلمان، الذي يسعى منذ سنوات لتلميع صورته على الساحة الدولية من خلال مشاريع ضخمة واستثمارات هائلة. إلا أن ظهور صورة مسربة تجمعه بجيفري إبستين، رجل الأعمال الأميركي المدان بتهم استغلال القاصرات، يفتح باب التساؤلات حول مدى عمق العلاقات التي تربطه بشخصيات مثيرة للجدل، ويضع علامات استفهام حول مصداقية محاولاته المستمرة لإعادة رسم صورته كقائد حديث ومتطور.

الصورة التي عثر عليها مؤسسات إعلامية مستقلة وتُظهر ابن سلمان وهو يضحك ويضع يده على كتف إبستين داخل غرفة خاصة، ليست مجرد لقطة عابرة، بل تمثل نافذة على علاقات قد تكون أعمق مما يُعلن عنه رسميًا. وجود ابن سلمان ضمن مجموعة صور اعتبرها إبستين “رموزًا لعلاقاته الاستراتيجية” يعكس نوعية الروابط التي ربما تتجاوز العلاقات الدبلوماسية التقليدية، وتدخل في إطار مصالح مشتركة أو تنسيق في مشاريع سرية لا تزال غامضة.

هذه الصورة تأتي في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الدولية تجاه سجل ولي العهد السعودي من انتهاكات حقوق الإنسان، بدءًا من قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، مرورًا بسياسات القمع الداخلي وتحالفات مالية غير شفافة مع شخصيات مثيرة للجدل. ومع ذلك، فإن محاولة تلميع الصورة عبر مشاريع ضخمة كمدينة نيوم وفتح البلاد أمام السياحة والترفيه لم تعد تكفي لإخفاء الشبهات الأخلاقية والسياسية التي تحيط به.

الفضيحة الجديدة تثير أسئلة جوهرية حول طبيعة العلاقات بين ابن سلمان وإبستين، خاصة أن الصورة كانت بحوزة الأخير ومعلقة في مكان خاص جدًا لديه. هذا الأمر يوحي بأن هناك علاقة غير عابرة أو مجرد صدفة بين الطرفين، وربما تنسيق أو مصالح مشتركة لا تزال طي الكتمان. فهل كانت هناك شراكة سرية أو شبكة مصالح تمتد إلى دوائر أوسع من المعروف حتى الآن؟ أم أن الصورة مجرد دليل على علاقات شخصية لا علاقة لها بالمصالح السياسية والاقتصادية؟

حتى الآن، لم يصدر أي تعليق رسمي من الديوان الملكي السعودي أو الجهات الحكومية المعنية بشأن ما نُشر. الاعتماد على سياسة “الإنكار والتجاهل” يبدو هو الخيار المفضل لدى السلطات السعودية حتى اللحظة، رغم تصاعد موجة الانتقادات والتساؤلات على وسائل التواصل الاجتماعي والمجتمع الدولي. إلا أن تراكم الفضائح ذات الطابع الأخلاقي والجنائي قد يضعف قدرة الرياض على الدفاع عن قيادتها أمام الرأي العام العالمي.

وفي سياق متصل، فإن ظهور اسم ابن سلمان بشكل مباشر وموثق لأول مرة في ملفات إبستين يعكس مدى عمق الأزمة التي قد تواجهها المملكة إذا ما استمرت هذه التسريبات في التوسع والانتشار. فالصورة ليست مجرد فضيحة أخلاقية فحسب؛ بل هي بمثابة اختبار حقيقي لمدى قدرة النظام السعودي على التعامل مع تداعياتها داخليًا وخارجيًا.

من جهة أخرى, فإن المجتمع الدولي يتجه نحو مزيد من التدقيق والمساءلة فيما يتعلق بعلاقات النخب الحاكمة مع شخصيات مشبوهة أو متورطة في قضايا أخلاقية وقانونية خطيرة. وهذا يعني أن السعودية لن تكون بمنأى عن الضغوط الدولية إذا ما استمرت هذه التسريبات بالتصاعد وتوسيع دائرة المشبوهين.

أضيف بتاريخ :2025/08/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد