التقارير

#تقرير_خاص: هل حان وقت تمرير الصفقة الكبرى بين السعودية وإسرائيل؟

عبدالله القصاب

تزامن الحديث عن التطبيع السعودي الإسرائيلي مع وقف إطلاق النار في غزة يثير الكثير من التساؤلات ويضع النقاش في دائرة أكثر حساسية وتعقيدًا. ففي تصريح حديث أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الرياض قد تنضم إلى قطار التطبيع المباشر مع الاحتلال الإسرائيلي، معربًا عن أمله في أن تتبعها دول الخليج بشكل أوسع، وهو تصريح يعكس رغبة خارجية واضحة في إعادة ترتيب المشهد الإقليمي على حساب القضية الفلسطينية.  

هذه التصريحات ليست وليدة اللحظة، بل تأتي في سياق معادلة سياسية وأمنية معقدة، حيث كانت تصريحات ترامب السابقة تشير إلى أن السعودية ستنضم “عاجلًا أو آجلًا”، وهو ما يتكرر بشكل متكرر في الأوساط الأميركية، بما في ذلك تصريحات لمسؤولين رسميين مثل المتحدث باسم الخارجية الأميركية.  

ومع أن الرياض تنكر حتى الآن أن يكون هناك توجه علني نحو التطبيع، فإن مواقفها الحالية تقتصر على بيانات إدانة العدوان الإسرائيلي على غزة، دون إظهار أي جهود فعالة لوقف التمدد الإسرائيلي أو دعم صمود الفلسطينيين. هذا التوجه يثير تساؤلات حول مدى صدق تمسك الرياض بمبادرة السلام أو الدعم للقضية الفلسطينية، خاصة في ظل التغيرات الإقليمية والدولية.  

التوقيت الحالي يحمل دلالات سياسية واضحة، حيث يُعاد ترتيب المشهد الفلسطيني، بهدف خلق بيئة مواتية لمحاولة تمرير “صفقة القرن” أو ما يعادلها من اتفاقات تطبيع، على حساب حقوق الفلسطينيين. فالحالة الفلسطينية تتعرض لكثير من الضغوطات، والبحث يتم عن حل يفرغ القضية من مضمونها، عبر تسوية تفرضها المصالح الدولية والإقليمية على حساب الحقوق والثوابت الفلسطينية.  

إن مجرد الحديث عن تطبيع مبتسر، يتزامن مع تدهور الوضع الميداني وغزة تحت التهديد المستمر، يجعل من الأمر أكثر خطورة. فهل تبدو الرياض، عبر هذه التصريحات، عازمة على تمرير صفقة على حساب التاريخ والحقوق الفلسطينية، أم أن هناك حسابات سياسية أخرى تسيطر على قراراتها وتحكم توجهاتها؟  

وفي ظل الأدوار الأميركية المحورية في المنطقة، تبدو مسألة التوقيع على أي اتفاق تطبيع كأنها لعبة من الألاعيب السياسية، التي تحركها مصالح القوة العظمى، قد يكون الفلسطينيون ضحية للاعبين إقليميين ودوليين يسعون لتحقيق مكاسب على حساب قضيتهم العادلة.  

وفي النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن السعودية من المضي قدمًا في مسار التطبيع الحقيقي، الذي يحترم حقوق الشعب الفلسطيني ويقترن بمبادرات جادة لإنهاء الاحتلال، أم أن التصريحات والحوارات مجرد أدوات لترويض الموقف السياسي، وإيجاد واقع جديد يخدم مصالح النخب ويخالف تطلعات الشعوب؟  

الوقت كفيل بكشف التفاصيل، ولكن الأمل يظل معلقاً على وعي وحيطة الشعوب العربية والفلسطينية، التي يجب أن توازن بين مصلحتها وقضيتها، وألا تدع للحسابات العليا أن تفرط بمبادئها من أجل مغانم وقتية أو مصالح ظرفية. فالصفقات الكبرى تُصنع على حساب حقوق الشعوب، وتاريخ المقاومة يعلمنا أن الثوابت لا تُضيع إلا بتواطؤ أو خنوع من قبل الأنظمة.

أضيف بتاريخ :2025/10/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد