#تقرير_خاص: تطورات المنطقة في ظل الرؤية الصهيوأميركية: مشروع “الشرق الأوسط الجديد” وتداعياته

علي الزنادي
يشهد العالم العربي حالة من الارتباك والتغيرات الجذرية، في ظل تزايد الحديث عن مشروع أمريكي-صهيوني يسعى إلى إعادة تشكيل خريطة المنطقة تحت مسمى “الشرق الأوسط الجديد”. هذا المشروع، الذي كشف عنه المبعوث الأميركي الخاص توم برّاك، يتلخص في توسيع دائرة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وتحقيق تحالفات جديدة تضمن السيطرة على الموارد والنفوذ، خاصة عبر بوابة السعودية.
وقد أكد برّاك أن السعودية تقترب من خطوة التطبيع الرسمي مع إسرائيل، وهي خطوة تمثل مفترق طرق، ليس فقط على المستوى السياسي، بل أيضا على الصعيد الاقتصادي والأمني. ومن الملفت أن المرحلة القادمة قد تؤدي إلى انخراط دول أخرى مثل سوريا ولبنان في هذا المخطط، وذلك بحجّة “السلام الإقليمي” الذي يبدو أنه غطاء لصفقة استراتيجية تتجاوز مجرد الاتفاقات الدبلوماسية.
استناداً إلى تصريحات برّاك، يُطرح أن الهدنة في غزة ليست سوى مرحلة مؤقتة، وأنها ستتبعها مشاريع شراكة اقتصادية وتنموية، تعكس نية الإدارة الأميركية خلق استراتيجيات طويلة المدى تُعزز حضورها في المنطقة. فالموقف الذي يُروج له يعكس تصوراً بأن السلام القادم لن يقتصر على الجانب السياسي، بل سيتحول إلى منحى اقتصادي واستثماري، يهدف إلى استثمار الفراغ الناتج عن توقف النزاعات بشكل ظاهر، لإعادة تشكيل المنطقة وفق مصالح القوى الكبرى.
وفي سياق ذلك، تُبرز خطة “صفقة القرن” الجديدة، المعتمدة على اتفاقيات “أبراهام”، كركيزة أساسية لتحقيق أهداف مشاريع التطبيع، عبر ربط المصالح الاقتصادية والاستثمارات بين الدول العربية وإسرائيل. ويُتوقع أن يكون لموقف السعودية دور محوري، إذ يُعول على الرياض أن تكون قائدة للتحالفات الجديدة، مستغلة موقعها الجغرافي والنفوذ الدبلوماسي الذي تمتلكه، في دفع المنطقة باتجاه تسوية تهدف إلى استقرار غير متحقق على أرض الواقع.
من جهة أخرى، تتوجه الأنظار إلى الدول التي لم تُبرم بعد اتفاقات مع الاحتلال، خاصة لبنان وسوريا، حيث تُربط مساعداتهما الخليجية بالإقدام على خطوات تطبيعية. ويبدو أن واشنطن، بشكل غير رسمي، تهدد بفرض نتائج كارثية على لبنان وسوريا، من خلال تذكيرهما بحرب أهلية داخلية أو إندلاع حرب إقليمية، إذا تواصلت معارضتهما لمخططات التطبيع.
إن الصمت الرسمي للسعودية تجاه هذه التصريحات يثير العديد من التساؤلات، خاصة في ظل المستجدات التي تتعلق بحجم النفوذ الأميركي والإسرائيلي في المنطقة. هل ستظل الرياض متمسكة بموقفها الحذر أم ستختار أن تكون جزءًا فعالاً من هذا المشروع؟ وما مدى تأثير هذا التوجه على تماسك العلاقات العربية الداخلية، خاصة في ظل وجود أصوات معارضة للتطبيع؟
تُبقى المنطقة على مفترق طرق، بين خيار الاستمرار في مواجهة الضغوط، أو الانخراط في مسار يخدم مصالح القوى الكبرى على حساب القضايا الوطنية والقضايا العادلة للشعوب. إن ما يُخطط له، من خلال توسيع دائرة التطبيع وتقديم مشاريع اقتصادية تنموية، يهدد بفقدان القضية الفلسطينية وضحاياها، ويقوض من فرص تحقيق الاستقرار الحقيقي الذي ينشده العرب والأمة بشكل عام.
أضيف بتاريخ :2025/10/23