التقارير

#تقرير_خاص: زيارة محمد بن سلمان إلى واشنطن: بين السعي لتعزيز النفوذ وغياب العدالة

عبدالله القصاب

تثير زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن المرتقبة في الشهر المقبل جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والحقوقية على حد سواء. إذ تأتي في ظل موجة من الانتقادات والاتهامات التي تنتظرها في قلب العاصمة الأميركية، خاصة من قبل منظمات حقوقية بارزة تعتبر أن التقارب بين الرياض وواشنطن ينبغي أن يصاحبه معالجة جادة للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المملكة.

لقد عبرت منظمات مثل هيومن رايتس ووتش وفريدوم هاوس عن مخاوفها من أن تعزيز العلاقات، خاصة عبر اتفاقات دفاعية، قد يساهم في تعزيز نفوذ ولي العهد الأمني والاستخباراتني على حساب الضمانات الحقوقية والعدالة. لم يخف هؤلاء أن التوجه نحو ترتيبات أمنية وعسكرية لا ينبغي أن يكون على حساب القيم الإنسانية أو التستر على انتهاكات قد تتفاقم، في ظل غياب المحاسبة الفاعلة.

وتُعد زيارة ابن سلمان إلى الولايات المتحدة ذات أهمية خاصة، فهي الأولى منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018، القضية التي لا تزال تلاحقه على الساحة الدولية، وسط اتهامات مباشرة بتورطه في الحادث. استمرار غموض التحقيقات وعدالة المحاسبة يفضي إلى صورة مشوهة عن التزام الرياض بحقوق الإنسان، ويثير التساؤل حول مدى جدية التغيير الذي يطمح إليه ولي العهد.

وفي ظل هذا المناخ، يُتوقع أن تتضمن الزيارة توقيع اتفاق دفاعي مماثل لما وُقع مؤخراً مع قطر، وهو خطوة تعبر عن رغبة السعودية في تعزيز نفوذها الأمني والإستخباراتي، خاصة في ظل فشلها في توفير الحماية الكافية لمواطنيها ومعارضيها على حد سواء. هذا التوجه يعكس حقيقة أن الرياض تسعى لتعزيز قدراتها الدفاعية، إلا أن أوجه الخشية تظل حاضرة بشأن استغلال ذلك في قمع الحريات واعتقال النشطاء.

وفي السياق ذاته، يظل السؤال الأبرز متعلقاً بمدى التزام واشنطن بمعايير حقوق الإنسان في هذا التهديف. فبينما تتحدث واشنطن عن حماية حقوق الإنسان، فإن دعمها المستمر لعلاقات عسكرية وأمنية مع السعودية يثير علامات استفهام حول مدى جدية توجهاتها الحقوقية. إذ أن استقبال ولي العهد يعزز صورة الإفلات من العقاب، ويعطي انطباعاً أن المصالح الأمنية والاقتصادية تتفوق على مبادئ العدالة وحقوق الإنسان.

أما على الصعيد الداخلي، فإن استمرار اعتقال الناشطين والمعارضين وإجراء الإعدامات يعكس واقعاً مقلقاً، يجعل من زيارة ابن سلمان مناسبة لتذكير المجتمع الدولي بوضع حقوق الإنسان في المملكة، حيث القوانين لا تزال تُستخدم كمطاردة ومعاقبة، أكثر مما هي أدوات للعدالة والحقوق.

من ناحية أخرى، لا يمكن تقليل أهمية الزيارة إلى مجرد مكاسب دبلوماسية أو أمنية، فهي فرصة لإعادة النظر في السياسات التي تتخذها الرياض، خاصة تلك التي تتعلق بالحريات وحقوق الإنسان. فليس من المقبول أن يكون التقارب مع القوى الدولية على حساب كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية.

وفي النهاية، فإن الزيارة المرتقبة تضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لمدى التزامه بالمبادئ الإنسانية وعدم التغاضي عن الانتهاكات الجسيمة، مقابل مصالحه الأمنية والاستراتيجية. فإن كانت النوايا صادقة، فعلى واشنطن أن تدعو إلى إصلاحات ملموسة وتحوّل حقيقي في سياسات المملكة، يضمن العدالة والحماية لكل فرد.

أضيف بتاريخ :2025/10/23

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

فيسبوك

تويتر

استبيان