التقارير

#تقرير_خاص: هل تنقرض أحلام السعوديين في ملكية المسكن بينما يسيطر المستثمرون الأجانب؟  

عبدالله القصاب

تشهد المملكة العربية السعودية طفرة عقارية هائلة، حيث يُصارع البناء الضخم من أجل تلبية الطلب المتزايد، لكن ثمن هذه المشاريع قد يصبح عائقاً حقيقياً أمام المواطنين العاديين. فعلى الرغم من أن العديد من المنازل تُبنى، إلا أن معظمها موجه للأثرياء والمستثمرين، وهو ما يترك المواطن السعودي العادي عاجزاً عن تحقيق حلمه بامتلاك مسكن خاص.  

نشرت شركة "موقع MEED لذكاء الأعمال" تقريراً يُسلط الضوء على الفجوة الكبيرة بين ارتفاع أسعار العقارات وانخفاض القدرة على الشراء لدى السكان. فعلى سبيل المثال، شهدت أسعار الشقق في الرياض ارتفاعاً بنسبة 11% في العام الماضي، بينما ظلت الرواتب تقريباً ثابتة. هذا التباين يعكس مدى التحدي الذي يواجهه المواطن العادي الذي يتطلع إلى استثمار مدخراته في بيت يلبي حاجاته ويستقر به، إلا أن السوق أصبح غير قادر على تلبية هذا الطموح.  

تُظهر الأرقام أن نية الشراء لدى المواطنين تضعف بشكل ملحوظ، إذ انخفضت من 40% عام 2023 إلى 29% في العام التالي، مما يشير إلى تراجع الثقة وازدياد حالة الإحباط نتيجة ارتفاع الأسعار. والأهم أن المشاريع الحالية غالباً ما تتبنى تصاميم أجنبية لا تتناسب مع نمط الحياة السعودي، وتستهدف بشكل أكبر المستثمرين والوافدين، مما يفاقم من الهوة بين الطلب المحلي والعرض.  

فتح السوق السعودي أمام المستثمرين الأجانب يعزز من التنويع الاقتصادي ويجذب رؤوس الأموال، وهو خطوة تستحق التقدير. لكن، إذا استمرت السياسات في تفضيل المستثمرين على حساب المواطنين، فإن ذلك قد يؤدي إلى إقصاء حقيقي للسكان المحليين من حقهم في السكن، خاصة مع ارتفاع الأسعار الذي يفوق قدراتهم الشرائية.  

هذه الظاهرة تشكل خطراً حقيقياً على الاستقرار الاجتماعي وعلى مستقبل التنمية المستدامة. فالسكن هو أساس الاستقرار الأسري والاجتماعي، ويجب أن يكون ضمن أولويات السياسات الاقتصادية والاجتماعية وليس مجرد سوق تجارية تستفيد منه فئات قليلة على حساب الغالبية العظمى.  

الحل يتطلب توازناً بين جذب الاستثمارات وتوفير السكن بأسعار مناسبة للمواطنين، عبر تطوير برامج إسكان وطنية تشمل مشاريع بأسعار معقولة وتصاميم تتناسب مع نمط الحياة المحلية. كما ينبغي أن يُعطى الأولوية للمواطن في الحصول على مساكن بأسعار معقولة، كي لا يتحول الحلم إلى سراب في ظل طفرة تضخم تتزايد وتُشوه الحقائق.  

وفي النهاية، فإن المدى الذي ستذهب إليه السعودية في سياستها العقارية سيحدد مدى استقرارها الاجتماعي وتوازنها الاقتصادي على المدى الطويل. فالسكن حق وليس امتيازاً، وإذا سيطرت الأنظار على تحقيق الأرباح فقط، فقد تدفع البلاد ثمناً غالياً من وحدتها الاجتماعية واستقرارها.

أضيف بتاريخ :2025/10/25

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

فيسبوك

تويتر

استبيان