التقارير

#تقرير_خاص: هل تتلاشى أحلام الرياض في امتلاك مقاتلات F-35؟  

عبدالله القصاب

يحمل تاريخ العلاقات الأميركية السعودية الكثير من التحديات والتقلبات، خاصة حين يتعلق الأمر بصفقات السلاح المتطورة والتوازنات الأمنية في الشرق الأوسط. فبينما تتوسل المملكة للحصول على مقاتلات F-35، يبقى الجواب معلقًا بين القبول والرفض، والموقف يتأرجح بين الموقف السياسي والمصالح الاستراتيجية الطويلة الأمد.

في الثالث عشر من نوفمبر، كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن إصدار وزارة الدفاع الأميركية تقريرًا استخباراتيًا يعبر عن مخاوف جدية من احتمال اختراق تكنولوجيا الطائرة F-35 عبر التجسس الصيني أو الشراكة الأمنية بين السعودية والصين. هذه المخاوف ليست جديدة، فهي جزء من حراك أعمق يهدف إلى حماية التفوق العسكري الأميركي والإسرائيلي على حد سواء، لكنه يُظهر أيضًا مدى تعقيد اللعبة السياسية والعسكرية في المنطقة.

وفي قلب النقاش، تبرز مسألة هواجس الإدارة الأميركية من أن تتسبب صفقة F-35 للسعودية في تقويض التفوق العسكري الإسرائيلي، الذي يُعتبر منذ زمن طويل خطًا أحمر أميركيًا في المنطقة. فإسرائيل، وحدها من بين دول الشرق الأوسط، تمتلك مقاتلات F-35، وتُعتبر محورًا استراتيجيًا رئيسيًا لضمان أمن الكيان المحتل، خاصة منذ حرب 1973 التي أثبتت أهمية التفوق الجوي في التوازن العسكري.

لقد حاولت الولايات المتحدة مرارًا وتكرارًا تقييد مبيعات السلاح التي قد تضر بأمن إسرائيل، كما حدث في صفقة الإمارات عام 2020. فبالرغم من موافقة إدارة ترامب آنذاك على بيع طائرات F-35 لأبوظبي، إلا أن اعتراضات داخلية حالت دون إتمام الصفقة بسبب الشراكة المزدهرة بين الإمارات والصين، والخوف من تقويض التفوق الإسرائيلي.

يبدو أن واشنطن، اليوم، تقف أمام مفترق طرق. فهي بحاجة إلى الحفاظ على علاقاتها مع السعودية كمصدر هام للنفط والاستقرار في المنطقة، بينما تحرص في الوقت ذاته على حماية مصالحها وحلفائها، خصوصًا إسرائيل، من أي تهديدات محتملة قد تنجم عن تعزيز قدرة السعودية العسكرية عبر هذه الطائرات المتطورة.

وفي الوقت ذاته، تتكرر الأسئلة بشأن مدى قدرة واشنطن على فرض خطوط حمراء في عالم تتغير فيه الأولويات والتحالفات بسرعة. هل ستتمكن من تقييد البيع مع السعودية وتحقيق التوازن المطلوب، أم أن لعبة السياسة ستبقى معقدة ومعقدة أكثر مع مرور الزمن؟ وما هو الثمن الذي سيدفعه الطرفان في كل مرة يفضيان فيها إلى طريق مسدود؟

يبقى أن نُشير إلى أن هذا الصراع لا يقتصر على التكنولوجيا العسكرية فقط، بل هو انعكاس لمشهد أوسع يتعلق بالتوازنات الدولية، وبتأثير الصين على حرب النفوذ في الشرق الأوسط. فموقف واشنطن حيال ابتعاد السعودية عن الاعتماد الكلي على التكنولوجيا الأميركية يكشف عن استراتيجيات تتلاعب بالمصالح، وتعيد رسم حدود النفوذ بين القوى الكبرى.

وفي الختام، يظل السؤال الأهم مفتوحًا: هل ستتمكن السعودية من التمسك بحقها في امتلاك أسلحة حديثة، أم أن الضغوط الأميركية ستظل عائقًا يحول دون تحقيق طموحاتها العسكرية؟ أما الأكيد، فهو أن الطريق بين واشنطن والرياض يبدو أنه لن يهدأ في المرحلة القريبة، وأن مراوغات السياسة ستظل عنوانًا لهذا الصراع الطويل.

أضيف بتاريخ :2025/11/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

فيسبوك

تويتر

استبيان