#تقرير_خاص: ترامب وابن سلمان: تحالف المصالح والدماء المطموسة في زمن الانحراف الأخلاقي
عبدالله القصاب
في رحلة البحث عن المصالح، تتلاشى المبادئ بسرعة، وتصبح الحقوق الإنسانية مجرد أوراق لاغية في مهب نزوات القوة والنفوذ. هذا هو المشهد الذي أظهرته زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى البيت الأبيض، والتي جاءت بعد سنوات من تهميش حقيقة جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018، ومع ذلك، وجدنا الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يختار الدفاع بدلاً من التوقف عند سوابق الانتهاكات الحقوقية.
صحيفة بوليتيكو الأميركية كشفت عن استقبال ترامب لولي العهد، في أول زيارة علنية منذ صدور تقارير الاستخبارات التي أجمعت على أن محمد بن سلمان هو من أصدر الأمر بقتل خاشقجي. وتحت قبة البيت الأبيض، اختار ترامب تفضيل الحلف السياسي والاقتصادي، موضحًا أن الأمير "حليف عظيم"، مبرئًا إياه من الجريمة، رغم الأدلة والتقارير الرسمية. وبذلك، أعاد ترامب تكرار موقفه الذي يكرس التحايل على الحقيقة، محافظاً على علاقة تعود على الطرفين بمنافع اقتصادية واستثمارية كبيرة، حيث تعهد ابن سلمان برفع استثماراته إلى تريليون دولار داخل الولايات المتحدة.
في إطار هذه المصالح، لم يتردد ترامب في مهاجمة الصحفية التي طرحت سؤالًا يتعلق بالتورط المحتمل لولي العهد في جريمة خاشقجي، قائلاً إنها تحرج الضيف، واصفًا شبكة ABC بأنها أخبار كاذبة، بل وذهب إلى حد المطالبة بسحب رخصة بثها. هذا التصرف يدلل على محاولات واضحة لإسكات التساؤلات المحرجة، وتقديم الصورة التي تخدم العلاقات مع الرياض، على حساب الحقيقة وكرامة الضحايا.
الصورة الأوضح تظهر أن هذه ليست المرة الأولى التي يدافع فيها ترامب عن ابن سلمان في قضية قتل خاشقجي، رغم أن مملكة آل سعود تحكم بنظام سلطوي مطلق، تسيطر عليه شخصية ولي العهد بشكل كامل، وتهمل بشكل قاطع تقييمات الاستخبارات التي تشير إلى التورط المباشر للأمير. ومع استمرار المملكة في نفي التهم، وتوجيه الاتهامات للفرد، يبقى الظلام يلف تلك القضية، في حين تمضي الرياض في سياسات القمع، من خلال اعتقالات تعسفية وتصاعد وتيرة الإعدامات، حتى ضد القاصرين.
ومع ذلك، يسعى محمد بن سلمان إلى تقديم نفسه كمسؤول متعاطف، إذ وصف جريمة قتله لخاشقجي بأنها "خطأ كبير" و"مؤلمة"، مدعياً أن المملكة تبذل جهودًا لضمان عدم تكرارها. خطاب مكرر لا يخفي، في جوهره، استمرار القمع والانتهاكات، وتملّص القيادة السعودية من مسؤوليتها عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تُنْتج عن نظام لا يتوانى عن قمع الأصوات المعارضة، ولا يتورع عن الإعدامات الجماعية.
أما ملف التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، فهو أيضًا يعكس التناقضات السياسية التي تتماشى مع مصالح الأمير ترامب، حيث أشار ابن سلمان إلى أنه قد يتجه نحو اتفاقيات أبراهام، لكن بشكل مشروط، بوجود مسار واضح نحو حل الدولتين. وضعٌ يوضح أن الموقف الدبلوماسي، وإن بدا متخبطًا، هو جزء من حسابات سياسية وضيق تطبيقات الضغوط الأميركية على الرياض، التي تسعى لاستثمار العلاقات لتحسين صورتها الدولية.
أضيف بتاريخ :2025/11/22










