التقارير

#تقرير_خاص: جنوب اليمن على مفترق أخطر: صراع النفوذ بين الرياض وأبوظبي يهدد الاستقرار والمصير الوطني

علي الزنادي

يمر جنوب اليمن حاليًا بفصل جديد من صراعات النفوذ والتدخل الإقليمي، حيث تتشابك خيوط الصراع بين ميليشيات موالية للسعودية وأخرى تتبع للإمارات، مما يعمق من أزمة عدم الاستقرار في المنطقة. بدأت الأحداث تتصاعد بشكل ملحوظ مع سيطرة مسلحين قبليين على مقر اللواء 11 حرس حدود في معسكر رماه بصحراء حضرموت، بعد حصار استمر ثلاثة أيام من قبل قبائل المهرة، انتهى بسيطرة هؤلاء المسلحين رغم رفض القائد تسليم السلاح.

هذا التصعيد جاء تزامنًا مع هجوم واسع شنّه المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا على مدن ومواقع في حضرموت والمهرة، ضمن عملية أطلق عليها “المستقبل الواعد”، التي تهدف إلى توسعة نفوذ المجلس والسيطرة على منابع الثروة النفطية في المحافظة. ويبدو أن الهدف الأوسع هو تعزيز سيطرة الإمارات على المناطق الحيوية في جنوب اليمن في محاولة للمنافسة على النفوذ مع السعودية، التي تدعم قوات موالية لها تشن أيضًا تحركاتها.

وفي سياق التوترات التصعيدية، كانت قد وقعت قبل أيام من سيطرة القبائل والمسلحين على معسكر اللواء 11، أولى الاشتباكات المسلحة بين قوات الانتقالي المدعومة إماراتيًا وقوات موالية للسعودية في وادي حضرموت، مما أثار مخاوف من أن تتدهور الأوضاع إلى كارثة إنسانية وعسكرية أكبر، تمس أمن المنطقة واستقرارها.

الملفت هنا هو أن الجنوب الذي كان يُعتبر في يوم من الأيام وحدة جغرافية وسياسية، لم يعد بيد أهله، بل أصبح ساحة للمنافسة بين الرياض وأبوظبي. هذان الحليفان الإقليميان، اللذان يتقاسمان نفوذهما على حساب مصالح السكان، يتعمدان استثمار الثروات وفرض نفوذهما عبر أدوات محلية تتغير بحسب موازين القوى، الأمر الذي يعمق من معاناة السكان ويهدد مستقبل الاستقرار.

هذه التطورات تُبرز أن النفوذ الإقليمي في الجنوب اليمني لم يعد منحصراً في إطار تفاهمات سياسية، وإنما أصبح يتخذ طابعًا عسكريًا وأمنيًا يلعب على وتر السيطرة على الثروات والموارد. وهو ما يضاعف من مخاطر المواجهة المسلحة وتدمير البنية التحتية، ويُهدد حقوق السكان في حياة مستقرة وخدمات أساسية.

علاوةً على ذلك، فإن التدخلات الأجنبية والنزاعات الداخلية تفرض على المجتمع اليمني أن يواجه تحديات عنيدة لإعادة ترتيب بيت الوحدة الوطنية، وإنهاء الصراعات التي تخدم فقط أجندات الخارج على حساب مصالح الشعب اليمني. فغياب الحلول السياسية وتدخل القوى الإقليمية تزيد من تعقيد المشهد، وتُعمّق الهوة بين مكونات جنوب اليمن.

وفي النهاية، يبقى السؤال المؤرق هو: إلى أين يسير جنوب اليمن في ظل هذا الصراع؟ هل ستتمكن الأطراف المحلية من توحيد صفوفها وإيجاد طريق للخروج من هذا المستنقع، أم أن النفوذ الإقليمي سيظل يفرض هيمنته مُنذِرًا بفقدان الجنوب لوحدته وسيادته؟ التاريخ يعلمنا أن استمرار التدخلات الخارجية والصراعات الإقليمية لن تُثمر إلا عن مزيد من الانقسامات والمعاناة.

أضيف بتاريخ :2025/12/12

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

فيسبوك

تويتر

استبيان