التقارير

#تقرير_خاص: السعودية ودور محوري في تعقيد الأزمة السودانية: قراءة في تحركات الإقليم ومآلاتها

علي الزنادي

تشهد الساحة السودانية نزاعات مستمرة وأزمات تنذر بعواقب وخيمة على الشعب السوداني وعلى المنطقة بأسرها. وفي ظل هذه الحالة، تتصدر التقارير والتحليلات موضوع الدور الإقليمي ومصالح الدول الكبرى في استمرار الأزمة أو التخفيف من حدتها. وفي هذا السياق، يأتي تقرير حديث أصدره منتدى الشرق الأوسط ليكشف عن دور السعودية في تعميق الأزمة، وهو ما يثير تساؤلات حول أدوار الدول ذات النفوذ في المنطقة وأهدافها الحقيقية.

يشير التقرير إلى أن السعودية لعبت دورًا مؤثرًا في تعميق انهيار السودان عن طريق إدارة مسار تفاوضي بُصِفَ بالـ"عقيم" عبر منصة جدة، مضيفاً أن هذا المسار ساهم بشكل مباشر في إطالة أمد الحرب بدلاً من العمل على إنهائها بصورة جادة وملموسة. هذا التركيز على مسار تفاوضي غير فعال ينم عن توجه يخدم مصالح معينة على حساب الحلول الواقعية والسلمية، مما يعكس نيةً أو ميلًا لتأجيل الحلول السياسية الجدية.

كما أضاف التقرير أن الرياض استغلت اقتصاد النزاع المستمر في السودان، لا سيما من خلال غض الطرف عن تدفقات الذهب السوداني، التي تعتبر أحد مصادر التمويل الرئيسية للميليشيات المتصارعة، إضافة إلى شبكات التهريب التي يعززها هذا الغض الطرف. هذه السياسات الاقتصادية تضعف من فرص التوصل إلى تسوية سياسية شاملة وتطيل أمد الأزمة، في تضارب مع حقوق الشعب السوداني في حياة مستقرة وسلمية.

ويقدم التقرير تحليلًا أبلغ من ناحية أن هذا الدور السعودي لا يمكن فهمه إلا في إطار صراع إقليمي أوسع، يتمثل في محاولة كل طرف لتعزيز نفوذه وتأمين مصالحه على حساب استقرار السودان وسيادته. وما يثير الانتباه هو تداخل الصراع بين السعودية والإمارات، مما ينعكس سلبًا على مسار الحل السياسي ويعقد من جهود المجتمع الدولي لدفع السودان نحو الاستقرار.

أما الصراع الإقليمي بين الرياض وأبوظبي، فيبدو أنه يتحول إلى ساحة نزاع نفوذ تحكمها مصالح عسكرية واقتصادية وسياسية، بدل أن يكون ذلك في خدمة حل الأزمة السودانية أو دعم الشعب السوداني في معاناته. بل على العكس، فإن هذا الصراع أدى إلى إطالة أمد المأساة الإنسانية، وتغذية أطراف النزاع بمزيد من التمكين والموارد، بما يعمق من حالة الانقسام والتشرذم.

وفي قلب الصورة، يقف المواطن السوداني الذي يعاني من ويلات الحرب والنزوح والجوع، وهو يجد نفسه حائرًا بين مصالح إقليمية لا تضع في اعتبارها معاناته الإنسانية. إذ أن دعم مصالح هذه الدول على حساب استقرار السودان وعدالة قضيته يعمق من ألمه ويؤدي إلى تأخير أي أمل في تحقيق السلام الدائم.

وفي النهاية، من الضروري أن تتوقف الدول ذات النفوذ عن استخدام النزاعات المسلحة كوسيلة لتعزيز مصالحها، وأن تتجه نحو دعم الحلول السياسية والعملية القادرة على إنهاء الأزمة بشكل مستدام. فالسودان يحتاج إلى دعم دولي حيادي يركز على بناء دولة المؤسسات والعدالة، وليس على إدارة صراعات على النفوذ تساهم في تفاقم المأساة.

ختامًا، تتضح الصورة أكثر عندما ندرك أن صراعات النفوذ الإقليمي لا ينبغي أن تكون على حساب أمل شعب يعاني من ويلات الحروب. إن التحدي الحقيقي هو تجاوز مصالح الدول وتحقيق مصالح الشعب السوداني في حياة آمنة وكرامة إنسانية.

أضيف بتاريخ :2025/12/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

فيسبوك

تويتر

استبيان