#تقرير_خاص: التحديات التي تواجه الاستثمارات في السعودية: هل تفشل السياسات الاقتصادية في جذب الثقة؟
عبدالله القصاب
شهدت سوق الأسهم العالمية، خاصة أسواق الأسهم الناشئة، تزايدا مطردا في زخمها خلال السنوات الأخيرة. إلا أن الوضع في المملكة العربية السعودية يثير العديد من التساؤلات حول فعالية السياسات التي تنتهجها الحكومة في ظل التحديات الاقتصادية المحلية والخارجية. فوفقًا لبيانات Copley Fund Research، بدأ نمو الاستثمارات في السعودية يتباطأ بشكل واضح في الأشهر الأخيرة، وهو ما يعكس تراجع الثقة من قبل المستثمرين الأجانب.
وفي مقابل ذلك، حققت الإمارات تدفقات مالية ضخمة تصل إلى 2.2 مليار دولار حتى آخر نوفمبر، بينما لم تستطع السعودية جذب سوى 679 مليون دولار. هذا الفارق الكبير يعكس تراجع الجاذبية الاقتصادية للمملكة، ويطرح تساؤلات حول مستقبل أي خطط لتعزيز الاستثمارات الأجنبية وتعزيز النمو الاقتصادي. فالمؤشرات الحالية تشير إلى أن السياسات الاقتصادية التي تعتمدها السعودية قد لا تلبي تطلعات المستثمرين؛ خاصة مع استمرار تباطؤ الأداء الاقتصادي وتراجع الثقة.
أما على صعيد سوق الأسهم، فقد فشلت السعودية في اللحاق بارتفاع الأسواق الناشئة، وهو ما يسلط الضوء على محدودية نجاح استراتيجياتها في جذب رأس المال الأجنبي. التوقعات تشير إلى استمرارية الأداء الضعيف في 2026، مما يعكس عجز السياسات عن تحقيق الأهداف المعلن عنها لتحقيق انفتاح اقتصادي فعّال وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي.
لقد كانت السعودية تعتمد بشكل كبير على قطاع الاكتتابات الأولية لإعادة فتح أبواب الاستثمار الأجنبي، لكن التغييرات السياسية المتكررة، وتذبذب استراتيجيات صندوق الاستثمارات العامة، وتخفيض الإنفاق الحكومي، كلها عوامل أثرت سلبًا على حوافز المستثمرين. هذه السياسات وجدت نفسها عاجزة عن خلق بيئة استثمارية مستقرة ومتطورة، مما يعكس إخفاق في تنفيذ خطط الإصلاح المعلن عنها.
وفي الوقت الذي يعول فيه النظام السعودي على تنويع مصادر الدخل وتعزيز النمو غير النفطي، تظهر المؤشرات أن التقدم في هذا الاتجاه لا يزال بطيئًا، بل ويواجه مقاومة من الواقع الاقتصادي ويأس المستثمرين. فالتوترات والتقلبات الحالية تعطي انطباعا أن السياسات الاقتصادية الحالية لم تعد كافية لاستدامة النمو وتحقيق الأهداف المنشودة.
بالإضافة إلى ذلك، يُظهر تراجع ثقة المستثمرين أن البيئة الاقتصادية لم تعد جاذبة كما كانت، وأن ثمة حاجة ملحة لمراجعة الاستراتيجيات وتحديد أولويات واضحة تعزز من استدامة الاقتصاد وتبني مقومات مرنة لمواجهة التحديات المتزايدة على الصعيدين المحلي والدولي.
وفي النهاية، يبقى السؤال قائما: هل ستتمكن السعودية من تعديل مسارها الإصلاحي وتحفيز الاستثمارات الأجنبية واسعة النطاق، أم أن تواصل السياسات الحالية سيؤدي إلى مزيد من التراجع الاقتصادي وفقدان الثقة في قدرتها على تحقيق النهضة المنشودة؟ إن النجاح في ذلك يتطلب رؤية واضحة، وقرارات جريئة، وتصحيح مسار يعيد الثقة ويعزز الاستقرار الاقتصادي المستدام.
أضيف بتاريخ :2025/12/19










