تقرير خاص: حقوق المرأة في #المملكة: واقع صعب وطموحات كبيرة.. حان وقت التحسين؟
لا يختلف اثنان على الوضع الإنساني الصعب الذي تعيشه المرأة في المملكة السعودية، حتى بات يمكن اعتبارها "مواطنة من الدرجة الثانية" من حيث حصولها على حقوقها وامتلاكها للحريات، وصحيح أن الملف الإنساني برمته في المملكة يثير الكثير من الجدل والنقاش وتشوبه علامات استفهام كبيرة إلا أن حالة المرأة السعودية تبقى الأبرز.
والقضية ليست فقط قضية "قيادة سيارة" أو ما شاكل من مسائل، بل هي مشكلة عميقة أكثر من ذلك بكثير وتحيط بكل جوانب حياة الإنسانة هناك التي تعتبر مقيدة بشكل وثيق حيث يصعب عليها التحرك وحدها بأبسط أمور حياتها دون أن يكون لديها "محرم"، أيا كانت ثقافتها وأخلاقها وعمرها وعملها ودورها في أسرتها.. فهناك المرأة تبقى محرومة من كثير من الحقوق المباحة للرجال دون غيرهم.
ففي المملكة فقط المرأة ممنوعة من السفر من دون موافقة "ولي أمرها" الذي يجب أن يكون رجلا، وفي المملكة فقط موافقة هذا الولي ضرورية كي تتمكن من العمل أو الدراسة أو الزواج أو فتح حساب في مصرف أو حتى الذهاب إلى عملية جراحية...
جلد النساء وقيادة السيارة... زمن التمييز مستمر
في المملكة السعودية فقط يحكم على المرأة بالجلد لأنها راجعت القضاء دون محرم، ما يؤكد على نظام التمييز بين الجنسين وغياب المساواة وعدم مراعاة وضعها القانوني والإنساني والشرعي.
وفي المملكة فقط تحرم المرأة من قيادة السيارة، فقد ألقت السلطات السعودية القبض على عدد من المواطنات اللواتي ضبطن وهن يقدن السيارة وتم استدعاء أقاربهن، والإفراج عنهن بعد تعهدهن بعدم "تكرار الفعلة"!!، وبالرغم من أنه لا يوجد في المملكة أية أحكام قانونية مفصلة ومكتوبة إلى جانب أحكام الشريعة تمنع القيادة، إلا أن الشرطة والقضاء في البلاد يطبقون منذ أمد هذا الحظر، متذرعين "بعادات البلد المحافظة"، والمملكة السعودية هي البلد الوحيد في العالم الذي يمنع النساء من قيادة السيارات.
وفي المملكة فقط تحتاج المرأة إلى "صك إثبات الحياة" لانجاز بعض المعاملات الرسمية في بعض الإدارات رغم حضورها شخصيا، كما لو أرادت المرأة الحصول على جواز سفر..
وفي المملكة فقط يحق للولي بعد أن تتزوج البنت برضاه أن يرفع دعوى التفريق بين الزوجين لـ"عدم تكافؤ النسب"، وهو حق يمنحه له القانون السعودي.
وفي المملكة فقط إذا سجنت المرأة أو أوقفت في مركز الشرطة لأي سبب كان لا تخرج حتى لو ثبتت براءتها أو أنهت محكوميتها إلا بتسلم "ولي الأمر" إياها وكفالته لها، علما أنه في كثير من الأحوال يرفض "ولي الأمر" تسلم السجينة فتبقى في السجن مدى الحياة..
الحاجة إلى قوانين حامية.. ومحاولات التلميع
ورغم محاولات البعض تلميع صورة المملكة حول حقوق المرأة وتقدمها في هذا المجال، إلا أن تعداد "القيود على المرأة" يطول ليشمل كل الجوانب الحياتية والاجتماعية والاقتصادية للمرأة السعودية، فمن البطالة إلى العنف الأسري إلى سلبها حقوقها السياسية إلى محدودية فرصها في العمل وحرية النشاط الاقتصادي.. ما يؤكد أن المرأة السعودية تحتاج إلى قانون مكتوب يحميها في كل أمورها وتفاصيل حياتها علّه يرد لها بعضا من حقوقها المهدورة عبر الزمن.
وفي سياق متصل، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرريها حول حقوق المرأة في المملكة مطلع العام الجاري إن "نظام ولي الأمر ظل مطبقا رغم تعهد الحكومة أكثر من مرة بإلغائه حيث تحظر سياسات وممارسات على المستوى الوزاري على النساء استخراج جوازات سفر أو الزواج أو السفر أو الالتحاق بالتعليم العالي إلا بموافقة ولي الأمر...".
وحول ذلك يقول الخبير في القانون الدولي الدكتور حسن جوني في حديث لصحيفة "خبير" الالكترونية إن "حقوق المرأة منتهكة في المملكة ولا سيما غياب المساواة حسب المعاهدات والاتفاقيات الدولية الراعية للحقوق والحريات وبالأخص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، وأوضح أن "المملكة هي من الدول التي ترفض التوقيع على هذه الاتفاقيات لأنها لا تريد الالتزام بها بما يؤكد عمق المشكلة في المملكة وأن لا نية للسلطات هناك بأي تغيير قريب محتمل اتجاه سياسة التضييق على المرأة"، وأضاف أنه "يمكن في هذا المجال تطبيق الشريعة الإسلامية السمحة التي تعطي المرأة حقوقها كاملة بما لا يجعلها مواطنة في مرتبة أدنى من الرجل".
رؤية 2030... آمال كبيرة، ولكن؟
وصحيح أن "رؤية 2030" التي أطلقتها القيادة السعودية تحدثت عن وضع المرأة كجزء أساسي في المجتمع، وقالت "... سنستمر في تنمية مواهبها واستثمار طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها والإسهام في تنمية مجتمعنا واقتصادنا.. رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22 % إلى 30 %"، إلا أن هذا الكلام على جماليته فهو يحتاج إلى ممارسات على الأرض وقوانين ومراسيم تطبيقية تساعد فعلا في إيصال المرأة إلى ما تستحقه لا أن يكون مصير المرأة مرتبط بمزاج أو تحكم "ولي الأمر".
وهنا يلفتنا حديث ولي ولي العهد السعودي عندما رد مسألة قيادة المرأة للسيارة إلى أنها "تتعلق برغبة المجتمع السعودي ومدى قبوله لها وأن السلطات لا تستطيع أن تفرض عليه أي شيء لا يريده"، ما يعني أن الأمر سيبقى على حاله حتى ما شاء الله وسيكون "ولي الأمر" هو الآمر الناهي في كل خيارات وتحركات المرأة، طالما أن السلطات المعنية لا تنوي التحرك لتغيير واقع ساهمت به منذ زمن طويل، وبالقياس على ذلك يمكن التنبؤ بالتحسينات المنتظرة والتي يقال عنها إنها ستطال أحوال المرأة، فإن تركت الأمور على حالها دون أي تدخل فهل يمكن التوقع بتحسن الأحوال ونيل المرأة لحقوقها؟
إذن يجب على السلطات السعودية المعنية التوقف فورا عن السياسات المتبعة بشأن المرأة والبحث عن التغيير المنشود وإعطاء المرأة حقوقها كاملة كي تستطيع أن تلعب الأدوار المطلوبة منها لإنجاح مخططات المملكة المستقبلية لا سيما ما سبق أن أعلن عنه من "رؤية 2030" التي لا بدَّ تحتاج إلى جهود كافة أبناء الشعب كي تعطي الثمار المرجوة منها وإلا سيبقى هناك الكثير من الثغرات التي لن تسد إلا بإعطاء كل ذي حق حقه..
أضيف بتاريخ :2016/06/11