آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عاصم حمدان
عن الكاتب :
أستاذ اللغة العربية بجامعة الملك عبد العزيز

«بريكست».. تنافس على الزعامة أم طلاق مع أوروبا؟

 

عاصم حمدان ..

* لابدَّ من الرجوع إلى الوراء قليلاً لتتَّضح الصورة إزاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي -EU- وبما عُرف اختصارًا بـ(Brexit) بريكست، أيّ الخروج من الاتحاد، والخلفيَّة التي يُفترض العودة إليها هو ما حدث في نهاية الثمانينيَّات، وبداية التسعينيَّات الميلاديَّة من القرن الماضي، عندما كانت زعيمة حزب المحافظين ورئيسة الوزراء -آنذاك- مارجريت تاتشر تقود حملة شديدة ضد الاتّحاد الأوروبي؛ لانتمائها إلى أقصى اليمين في الحزب، والحكومة معًا، بينما كان وزير خارجيتها الأسبق ونائبها فيما بعد سير جيفري هاو، والذي رحل في شهر أكتوبر السابق 2015م مؤيّدًا البقاء داخل الاتحاد، وعندما قادتها غطرستها السياسيَّة لمحاولة إبعاده عن الحكومة، كانت ردّة فعله قويَّة، حيث قدَّم خطاب استقالته في مجلس العموم أمام مناصريها، وأعدائها على حد سواء، وقاد حملة لإزاحتها من منصبها، وكانت الفرصة مواتية أمام عدوّها الآخر ووزير دفاعها السابق مايكل هيزلتاين Hesltine ليعلن ترشيح نفسه مع آخرين لزعامة الحزب، ولكن لأسباب داخل الحزب لم يتمكَّن هيزلتاين من الوصول إلى المنصب، وحلَّ مكانه جون ميجور Major، وزير الخزانة -آنذاك-، والذي أضحى فيما بعد رئيسًا للوزراء، بعد استقالة تاتشر مرغمة في أعضاء حكومتها، فتركت تاتشر دواننغ ستريت، وهي تذرف الدموع على وداع عالم السياسة المليء بالمتناقضات.

 

* ويتكرر الأمر أخيرًا مع رئيس الوزراء ديفيد كميرون الذي قاد مناوئه جونسون حملة مضادة له، محرضًا فيها على طلاق بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي، وبعد إعلان النتائج لصالح الخروج لم يتردد كميرون في إعلان نيّته للاستقالة من منصبه صبيحة يوم إعلان النتائج، مع أنَّه فاز قبل عام واحد بالانتخابات البرلمانيَّة، ولكنَّه لم يستطع البقاء أخلاقيًّا، وقد خسر الحملة التي قادها لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي.

 

* وقبل أيام معدودة فُتح باب الترشيح لانتخاب زعيم جديد للحزب، وكانت المفاجأة أنَّ الشخص الذي قاد حملة الخروج (بريكست) رئيس بلدية لندن السابق (بوريس جونسون) أعلن انسحابه من حملة الترشيح، بعدما سدد له بعض مناصريه -وفي مقدمتهم وزير العدل مايكل غوف- ضربة، حيث شكَّك في قدرته على قيادة الحزب.

 

* زعيم حزب المعارضة جريمي كوربين Corbyn هو الآخر تعرّض لحملة شديدة من داخل حزبه، حيث صوّت غالبية نواب الحزب، وعددهم 172 مقابل 40 لسحب الثقة منه.

 

وقد تعرَّض (كوربين) لحملة شديدة منذ شهر مايو الماضي، قادها ضده كبير الحاخامات اليهود في بريطانيا إفريام ميرفس Ephraim-Mirvis، حيث كتب مقالة لصحيفة (الديلي تلغراف اللندنية) wednesday,4,May,2016، اتهم فيها بعض أعضاء الحزب -وفي مقدمتهم كين ليفينغستون عمدة لندن الأسبق- بعداء الساميَّة، وهي التُّهمة الجاهزة لدى المؤسسات الصهيونيَّة ضد كلِّ مَن يحاول أن يكون معتدلاً في آرائه إزاء الصراع العربي الإسرائيلي، وقد قادت الضغوط على زعامة الحزب، حيث أوقف كوربين سرًّا ما يقرب من 50 نائبًا عماليًّا بالتُّهمة نفسها، وفي مقدمتهم ليفينغستون الذي ذكر في تصريح له أن الزعيم النازي (هتلر) قد دعم الحركة الصهيونيَّة عام 1930م قبل أن يقوم لاحقًا بقتل ما يقرب من ستة ملايين يهودي. وما يمكن استنتاجه من المشهد السياسي البريطاني الحالي هو أن السباق على كرسي رئاسة الوزراء هو عامل أساس، إن لم يكن العامل الأهم وراء هذا الضجيج الذي أدّى إلى انقسامات سياسيَّة، ونتائج اقتصاديَّة سلبيَّة ليس على بريطانيا وحدها، بل على الاقتصاد العالمي كافة.

 

صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2016/07/05

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد