المشاركة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط
جدعون روز ..
تتهيأ الولايات المتحدة الأمريكية حاليا للدخول في حقبتها الثالثة المهمة من سياسة الشرق الأوسط، وهي حقبة تختلف بشكل ملحوظ عن حقبتي الحرب الباردة وما بعدها.
ففي الحقبة الثانية، لم تعد اعتبارات الحرب الباردة مسيطرة، لكن النفط كان لا يزال مهما، فيما نتجت عن بروز التفاؤل والقوة في الولايات المتحدة مقاربة "أيديولوجيا الحل" تجاه عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، ونتج أيضا اعتقاد عام أن المنطقة ستتطور بشكل إيجابي. وأُضيفت اعتداءات 11 سبتمبر إلى جدول الأعمال التحويلي، لكن لم يكن مصير هذه الجهود الرامية إلى إيجاد حل جيدا، وارتأت إدارة أوباما الابتعاد عن المشكلة بدلا من حلها.
لكن الابتعاد كليا عن الشرق الأوسط غير معقول، ولا الحرب التقليدية الواسعة النطاق معقولة. فتكمُن الإجابة في مكان ما في الوسط –أي في العمليات العسكرية التي لا تبلغ مستوى الحرب، والتي تسمح لواشنطن وشركائها بإدارة أمن المنطقة. وها هو الجدال الحقيقي حول كيفية تحقيق ذلك -وحول وجوبه- يبدأ، وإن كان عدد من الأدوار الأمريكية التقليدية في المنطقة لا ينفك يتبدل.
تبرز أيضا علامات استفهام حول ما يدفع الولايات المتحدة إلى التدخل في المنطقة. فما زال الإرهاب يؤدي دورا واضحا، لكن إلى أي حد سيؤثر في سياسة الشرق الأوسط، إذا كان معظم الاعتداءات الإرهابية المحلية تُنفذ على يد أفراد من أبناء الوطن، أو على يد متطرفين غير مباشرين، بدلا من عملاء مباشرين؟ كذلك، تتبدل المخاوف المتعلقة بمسائل الطاقة في حقبة التصديع المائي وفيض النفط والتطورات ذات الصلة.
وفي الماضي، دفعت أهمية المنطقة البالغة التي تحتلها في الإستراتيجية الأميركية الكبرى والاقتصاد العالمي، الولايات المتحدة إلى تحويل دول الشرق الأوسط، وإرساء الاستقرار فيها، لكن بعد هدر كمية كبيرة من الأرواح والأموال، توصّل كثيرون إلى تقبل واقع أنّ تغييرا كهذا لا يمكن تحقيقه في المستقبل المنظور، وأدى هذا بدوره إلى تراجع استعداد أمريكا إلى الاستمرار في التوسع هناك.
إذًا، ماذا نفعل في منطقة تعنينا جدا، وما تزال نتائجها تؤثر فينا، ومشاكلها العسيرة متأصلة في مسائل عميقة تبقى صعبة المراس في وجه أدواتنا ودرايتنا الحالية؟
يوجه الشعب الأمريكي رسالة واضحة، مفادها أن الولايات المتحدة لا يجب أن تستمر في هذا التعاطي المباشر جدا في شؤون الشرق الأوسط، بل بالتوقف عن أداء دور كبير ومباشر حتى في إرساء الاستقرار في المنطقة، فكيف إذًا في تحويلها. وهذا هو الحديث الذي سيدور في السنوات المقبلة.
وبعد أن أصبحت المجادلات الحامية التي اتسمت بها سنوات الرئيس باراك أوباما، وتأثيرات تدخل العراق في أكناف الماضي بشكل كاف، سيكون السؤال الذي يطرح نفسه هو: إلى أي مدى سيكون التدخل في الشرق الأوسط ضروريا، ولكم من الوقت؟
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2016/07/07