مأساة نيس والمتهم الحقيقي
شاهر النهاري ..
أمسينا البارحة على فاجعة قتل 84 شخصا، وإصابة العشرات بمدينة نيس الساحلية جنوب فرنسا من المحتفلين بعيد (الباستيل)، الوطني.
وقد نعى الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، في خطابه الحزين إلى العالم أجمع بقوله: أطفال ضمن القتلى في الهجوم، الذي لا يمكن أن ننكر أنه إرهابي.
وبعدها عقد اجتماعا أمنيا طارئا في باريس، ثم توجه إلى مدينة نيس المنكوبة.
الحادث وقع في شارع «بروميناد دي إنغلي»، الشهير، أثناء الاحتفال بالألعاب النارية، ووفقا للادعاء العام فإن «سائق الشاحنة قادها بسرعة جنونية نحو كيلو مترين وسط الحشود قبل أن ترديه الشرطة قتيلا».
وقد عثر معه في الشاحنة على أسلحة وقنابل يدوية، بحسب مصادر في الشرطة.
وأوضحت وسائل الإعلام الفرنسية أن الشرطة عثرت أيضا على أوراق تشير إلى أن سائق الشاحنة فرنسي من أصل تونسي.
وفرنسا مستهدفة من أفراد وقيادات الإرهاب كدولة عظمى، تشارك في العمليات الدولية السياسية والعسكرية خصوصا في مناطق تفريخ الإرهاب في الشرق الأوسط.
وهي أيضا قطب الضياء والحرية والرقي الفكري والفني والفلسفي على الكرة الأرضية.
لذلك كانت مستهدفة في عدد من المرات، من القطب الآخر للصراع، ومن عاشقي الظلام، والقهر والتسلط، ومن فارضي الرأي الأوحد، الذين ينفون أي ثقافة أو فلسفة أو معرفة أو فنون، لا تنبع من شقوق فكرهم الضيق.
النتيجة حتمية، فالباني ليس كمن يهدم، ومجرد ثغرة بسيطة وغفلة لثوان كفيلة بأن تجعل أحقاد الإرهاب تنفذ، وتسدد سهام غدرها على الأبرياء الآمنين.
كنا قد اختبرنا وعشنا مثل هذا الشعور مرات ومرات، وما حادثة قتل الأم بالرياض، وتفجير حمى المسجد النبوي إلا صور جلية على ما يحدث بيننا، بسواده وشذوذه وعجبه.
وكانت دول العالم أجمع قد عانت مرارا من تلك الحثالات البشرية، الراغبة بتسيير الكون من خلال مفهومها المتعسر، الغبي، الميت منذ قرون عديدة.
الأزهر أول المتنبهين إلى ما يحدث، والأكثر رعبا، حيث إن هنالك دعوات جادة رفعت للأمم المتحدة مرفقة بالدليل والمرجع من بعض أبناء الوطن المصري، لضم الأزهر للمنظمات الإرهابية العالمية، نظرا لمناهجه، التي ما زالت تعلم، وترعى، وتدرس التطرف بمختلف أحواله.
العالم أجمع يحمل جنين الفوضى، والمخاض يهز الأطراف، بينما تظل الجهات المركزية مخدرة، فما أسهل أن يتم رمي التهم على الجنون، والمخدرات، والألعاب الالكترونية، والشباب الذي لا يجد العمل، وراكبي الموضات، ومحبي الصرعات الجديدة، بينما يظل الصندوق الأسود، والمتسبب الحقيقي مغلقا، لا أحد يريد أن يمسه، ولا أحد يريد أن يعرف كيف يعالج ما به من أخطاء؛ صندوق سيظل ينتج لنا من أمثال هذا التونسي، وذلك السعودي، وهذا الباكستاني، وأولئك المسلمين آلافا وآلافا، ولم لا ونحن نقطف ثمار الصحوة المحرقة، التي رعيناها بأموالنا، وسقيناها بدموعنا، ونافحنا عنها بعقولنا.
كيف يمكن أن تمنع شخصا مدججا بالفكر الأسود والحقد والكره للجميع من أن يقود شاحنة، ولو كانت مسروقة، وأن يمر بها على أجساد الكبار والأطفال، في أي تجمع سواء كان احتفاليا، أو دينيا لا سمح الله!.
المعالجة الموضعية، لا تنفع، ولا تشفع، ولا بد من الانتقال لعمليات إزالة الخبيث، والبتر الكامل للمنهج والمحرض والمؤيد.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/07/16