أثر الحروب العربية في تقوية الإرهاب
عبدالمحسن يوسف جمال ..
العالم العربي اليوم غيره قبل عشر سنوات، فالاصطفافات السياسية تغيرت، والتحالفات تبدلت وأفرزت قوى سياسية جديدة لها أسلوبها وإستراتيجيتها.
في غفلة من الزمن ومن خلال اجتهادات ثبت فسادها تبين أن الخلافات العربية – العربية ما كان ينبغي لها أن تتحول إلى صراعات مسلحة لا يعلم إلا الله منتهاها.
فاختيار الحل العسكري لهذه الصراعات السياسية أدخل العالم العربي في مشاكل لا أول لها ولا آخر.
فالحرب إن لم تحسم خلال فترة قصيرة ستتحول هي بذاتها إلى مشكلة، وستصرف الجهود لإيقافها.
فالكل يعلم أن الحرب من السهل إيقادها ولكن من العسير إيقافها.
فالحروب تخلق أزمة بين المدنيين قد تستنزف الجهود والأموال، وفي مقدمتها وجود لاجئين هاربين من مناطق الصراع وإيجاد بطالة واسعة تفقد مصدر دخلها، وهدم البنية التحتية للبلاد التي تم إنشاؤها خلال أعوام طويلة، وسقوط النظام العام في الدولة وحدوث فوضى ووجود مساحات ومدن وقرى لا سلطة للحكومات عليها.
ولعل أخطر سلبيات الحروب في عصرنا الحالي هو ظهور جماعات منظمة بشكل جيد، ومدربة تدريبا عسكريا متطورا، ولها موارد مالية متجددة، ويرجح لها غطاء من بعض الدول، وتُستغل استغلالا دوليا في إدارة الصراع وتوجيهه كما تريد بعض هذه الدول ذات النفوذ.
وبمتابعة تطور الصراع العربي- العربي شاهدنا كيف أن العرب فقدوا قدرتهم على إدارة هذه الحروب التي توقعوا نهايتها سريعا فإذا بها تستمر سنوات من دون أفق واضح.
ظهور هذه الحركات الإرهابية أثناء الحروب وتقويتها سيحولها من قوى «منقادة» إلى قوة «قائدة» وطامعة في حكم بعض الدول التي تراها ضعيفة.
ولنا في التاريخ العربي عبرة حين تحول المماليك من مجموعة تخدم النظام إلى مجموعة «حاكمة» في غفلة من الزمن.
الإرهاب المتولد من الحروب العربية بدأ خطره يهدد صانعيه ومموليه وداعميه كما يهدد الآخرين.
ولعل هذا ما جعل الجميع «يتعاون» للقضاء عليه، وهو لن يقف إلا بوقف هذه الحروب.
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2016/07/16