كل ما في الأمر أن أحلامي تغيرت!
عبدالله المزهر ..
ولأن التاريخ لم يعد في مقدوره أن يتغير فإن كل الانقلابات العسكرية أتت بحكومات كان الضياع أفضل منها.
الجيش حين يترك الثكنات العسكرية ويتخلى عن واجبه «المقدس» في الدفاع عن حدود وطنه لا يصبح جيشا، الجيش الذي يوجه فوهات بنادقه إلى أهله ليس جيشا. للجندي الذي يدافع عن تراب وطنه قدسية وبهاء وإجلال ومهابة تذهب كلها وتتحول إلى النقيض حين يتحول إلى طرف في معارك سياسية لا علاقة له بها.
في أحداث ليلة السبت في تركيا كنا نتابع الأحداث، ونستمع إلى القنوات الإخبارية التي لا تبث الأخبار ولكنها تبث أمنياتها، نتتبع محاولات الانقلاب ونتابع أيضا السقوط المهني المدوي لبعض وسائل الإعلام.
لم يكن لنا لا ناقة ولا جمل فيما يحدث. أصحاب الناقة والجمل والقافلة كلها في ليلة السبت هم الشعب التركي، الذي خرج ليس دفاعا عن شخص الرئيس إردوغان وحكومته. لكنه خرج دفاعا عن مكتسباته وعن حقه في أن يحكم بالطريقة التي اختارها وارتضاها لنفسه.
خرجت الأحزاب الموالية والمعارضة، والإسلاميون والعلمانيون والليبراليون ليقولوا إنهم لا يريدون العودة للوراء، يختلفون ويتفقون ويتصارعون بالطرق السياسية التي ارتضوها وجربوها، ولذلك فشل الانقلاب أسرع مما كان يتوقع أكثر المتفائلين.
وكما تعلمون فإني لست تركيا ـ وإن كانت ملامحي تشي بذلك ـ لكن أحداث تركيا كانت ستؤثر على المنطقة وتدخلها دوامة جديدة من العنف، وسيكون السؤال عن أسباب الإرهاب سؤالا عبثيا وغير منطقي في حال أسقط العسكر حكومة منتخبة لمجرد أنها لم تعجبهم، حين يفهم الناس أن اختياراتهم لا تعني أي شيء فإنهم سيجدون العنف وسيلتهم المتاحة للتعبير عن أنفسهم. وسيكون الحديث عن «الطرق السلمية» حديثا عبثيا يكذبه الواقع.
وعلى أي حال.. كنت أحلم بعالم مستقر، عالم يكون أعنف ما تتحدث عنه نشرات الأخبار هو حادث مروري أو إنقاذ قطة علقت بين أغصان شجرة. ولكني الآن أحلم بأن يمر يوم واحد فقط لا يتساقط الناس فيه من شجرة الحياة بسبب أطماع غيرهم السياسية.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/07/17