مراكز المقاولات الإستراتيجية!
عبدالله المزهر ..
لا أخفيكم أن لدي حساسية مزمنة تثور فجأة عند سماع مصطلحات من عينة «مركز دراسات» أو ما شابهها من هذه العبارات التي تدل على البقالات التي يفتحها المتقاعدون لأغراض متعددة، فهي مفيدة في تمضية أوقات الفراغ الطويلة التي تمر على المتقاعدين، وقد تفيد كمصدر دخل إضافي مع أنها لا تبيع أي شيء.
وأحيانا تكون هذه المراكز المهيجة للحساسية مجرد غطاء لبقالة تبيع بضائع أخرى لا علاقة لها لا بالدراسات ولا بالاستراتيجيات.
وبما أن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم ومن باب «داوها بالتي كانت هي الداء» فقد رأيت أن أفضل وسيلة للتخلص من هذه الحساسية هي أن أفتتح مركزا للدراسات الإستراتيجية بعد تقاعدي إن شاء الله تعالى، والحقيقة أني أجد في نفسي القدرة على فعل ذلك، فأنا لا أفهم في أي شيء وأستطيع تبني آراء في غاية الغباء والسذاجة والسطحية، وهذه صفات مهمة تساعد في نجاح أي مركز دراسات يديره متقاعد قدير مثلي مستقبلا.
وأعدكم بأني سأوزع رقمي على جميع قنوات التلفزيون ليسألوني في كل أمر وعن كل قضية، فستجدونني في العربية أتكلم عن صناعة الموت وخطر شعر اللحية على الأمن الوطني، وبعدها في المجد أتحدث عن التغريب وخطر «البوكيمون»، ثم في البي بي سي لكي أحدثكم عن الملف النووي الإيراني، ثم في القناة الأولى أخبركم عن توقعاتي عن مصير الخمير الحمر، وفي القناة الرياضية لأشرح لكم باستفاضة أسباب رفض المنتخب السعودي اللعب في فلسطين.
ثم أذهب إلى تل أبيب لكي أجتمع بالصهاينة وأقول لكم إني ذهبت لكي أصلي بالناس في بيت المقدس وأتعاطف مع المعتقلين، وأنتم ستصدقونني بالطبع!
وعلى أي حال..
الحمقى جديرون بهذا العالم وهو جدير بهم، وبضع دقائق أمام التلفزيون تكفي لتشاهد وتسمع وتعرف منهم قادة الفكر والرأي والساسة الذين يتحكمون في مصير هذا الكوكب، وهذا سيوضح لك لماذا هو كوكب بائس يسير إلى الهاوية بثبات وثقة!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/07/25