عرقوب وحنين المفترى عليهما!
عبدالله المزهر ..
الزمن عامل مهم في رسم صورة عن أحدهم، فالسابقون تلتصق بهم نتائج أفعالهم أكثر من اللاحقين الذين يمارسون ذات الفعل أو أسوأ.
رحل «عرقوب» عن هذه الحياة الدنيا الفانية وقد التصق به إلى الأبد أنه لا يفي بوعده، وقصة الأخ عرقوب تقول إن أحد «المقرودين» كان يطلب منه مالا فقال له عرقوب: إذا أطلعت هذه النخلة فلك حملها، فلما أخرجت طلعها عاد إليه، فقال له: دعها حتى تصير بلحا، فلما أبلحت قال له: دعها حتى تصير رطبا. فلما أرطبت قال له: دعها حتى تصير تمرا. فلما أتمرت أخذ عرقوب تمرها في الليل فلما جاء ذلك «المقرود» في الصباح ليأخذ التمر لم يجد إلا «الفلس»، وأصبح عرقوب المسكين مضرب المثل في عدم الوفاء بالتزاماته وتوزيع «منتجاته» في الأوقات التي يحددها.
يقول كعب في قصيدته الشهيرة «بانت سعاد»:
كانت مواعيد عرقوب لها مثلا
وما مواعيدها إِلاَّ أباطيل
ومن البديهي عزيزي القارئ أن يذهب تفكيرك وأنت تقرأ هذه القصص والأشعار والأمثال باتجاه وزارة ما، وأن تظن أن كعبا يتحدث عنها، وأن عرقوب لم يكن سوى وزير لهذه الوزارة الفتية.
لست مخطئا ولا تعاني من شيء، فهذا أمر قريب الشبه من الحقيقة، ولو وجدت هذه الوزارة قبل وجود عرقوب لكانت تحتل مكانه في كل الأمثال والحكم، ولكان الشعراء يستخدمون اسم الوزارة والوزير حين يتكلمون عن مواعيد الحبيب التي لا يفي بها.
وعلى أي حال..
فليس عرقوب وحده من سبق المتأخرين إلى الأمثال، فحنين أيضا كان سابقا بخفيه إلى الأمثال من أولئك الذين ينتظرون «منتجات» الوزارة ومبادراتها ويصدقون وعودها. ولو أنهم سبقوه لما كان أحد يعرف حنينا ولا خفيه ولا من أي متجر اشتراهما ولا في أي «مول» أضاعهما!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/07/27