اقتراح مع بلع اللسان
عبده خال ..
نحن في حالة ارتباك إزاء أي فعل إرهابي، وسوف نظل في تأرجح ما لم نجد وسيلة لكسر التشدد الديني.
هذا التشدد تتصف به الآيدلوجيا المنغلقة على أفكارها التي لا تقبل الرأي المناقض لها أو المنتقد، وما لم تحدث ثورة داخلية على جوهر تلك الأفكار التي يحملها المنتمون لتلك الآيدلوجيا فلن تفلح كل الانتقادات من ثني أبنائها من الإقدام على تحقيق أهدافهم من خلال ممارسة المعتقدات بإيمان لا يشوبه أدنى شك في كون الأفكار التي آمنوا بها هي منتهى الآمال التي تؤدي بالإنسان لتحقيق الحياة المثالية والفوز بالنتائج التي تمنح للمؤمنين بتلك الآيدلوجيا.
ومهما تم انتقاد التشدد الديني فلن تفتح عقول المتشددين لأنهم سيظنون أن أي انتقاد ما هو إلا سموم يطلقها الأعداء.
إذن ما هو السبيل لفكفكة هذا التحجر؟
عادة عندما يكون منبع التشدد أحاديا فلن يحدث أي تغير في الأفكار المتشددة، ما لم يتم إدخال أفكار جديدة أو رؤى توسع المدارك وتكشف أن ثمة طرقا متعددة توصل إلى الحق من غير قتل النسل وحرق الحرث.
وفي زمن سابق كتبت أن أمامنا حلا ناجعا يؤدي إلى حلحلة الأفكار المتشددة بواسطة علماء مستنيرين يحملون حجتهم الدامغة حول كثير من قضايا الفقه التي أمسك بها المتشددون على أنها هي الحقيقة الدامغة..
وربما طال هذا المقترح نوع من الانتقاص لأنني ربطته بفكرة الاستقدام عندما ذكرت أننا الشعب الوحيد الذي يستقدم كل شيء، فلماذا لا نقوم باستقدام العلماء لحل مشكلتنا مع التشدد.. والآن أعيد هذا المقترح مؤكدا أن الأمة الإسلامية تستهدف المحبة والإخاء وانتشار القيم الحميدة للإسلام بعيدا عن الغلظة والجفاء مع الحياة من خلال إراقة الدماء وإرهاب الناس.
وأتذكر أننا كنا أكثر انفتاحا على سعة الفقه عندما كان بيننا شيوخ أمثال علي الطنطاوي ومحمد متولي الشعراوي ومحمد الغزالي وأعداد كبيرة من العلماء الذين يفندون ويوضحون سعة الفقه، وأن الإسلام ليس دين الجبر، وإنما هو دين المحبة والتسامح وقبول الآخر مهما كانت ديانته.
وأكاد أجزم أن استمرار تصلب المتشددين يتمثل في عدم وجود من ينتقدهم مباشرة ويشير إلى الأسماء وأخطاء المنهج المتبع، ولأن أولئك المتشددين وجدوا التغاضي عن انحرافاتهم مما زاد غيا، ووجدوا أيضا الدعوة بأن يصلح الله حالهم من غير إدانتهم وتحميلهم مغبة انحراف الشباب من خلال حضانة التشدد التي أصبحت تفرز يوميا إرهابيا سواء نفذ إرهابه أم ظل في صفوف الاحتياط.
لنفكر في هذا الاقتراح، أما إذ لم يرق لأحد، فيكفي أنني ذكرته مرتين، وسوف أبلع لساني ولن أعيده على مسامعكم.
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/07/28