للمرة الثانية نطلب التحقيق
أحمد السيد عطيف ..
نحن نموت في طرقات جازان، ستقولون: نحن متهورون ولا نجيد القيادة ونستهتر بحياتنا، لكم ذلك؛ لكن الطرق شريك أساسي في قتلنا ونهب حياتنا
كيف نفعل عندما نشكو ولا يسمع أحد شكوانا؟ ومن نتهم عندما نموت على الطرقات ولا نجد من نتهمه بقتلنا؟
في الأسابيع الأخيرة مات على طرق جازان العشرات من المواطنين، أكثر من 20 شخصا في طرقات "فيفاء" وحدها.
إدارة طرق جازان تقول إن طرق "فيفاء" الحكومية مجهزة بوسائل السلامة، وهذا ادعاء غير صحيح، ونتحمل مسؤولية كلامنا. إن التلميح والكلام الرقيق والشكوى الخافتة لم تعد ذات جدوى. لا بد أن نسمي الأشياء بأسمائها وصفاً للواقع وإبراءً للذمة.
نحن نموت في طرقات جازان، ستقولون نحن متهورون ولا نجيد القيادة ونستهتر بحياتنا، لكم ذلك؛ لكن الطرق شريك أساسي في قتلنا ونهب حياتنا.
إننا نطالب بالتحقيق معنا أولا في أقوالنا، ثم التحقيق مع وزارة النقل وإدارة طرق جازان.
كل طرق جازان التي تنفذها وزارة النقل أو التي تنفذها البلديات هي تحت المستوى الأدنى المطلوب للسلامة.
نطالب بلجنة مهندسين وقانونيين من خارج الوزارة للتحقق من تنفيذ الطرق ولضبط أقوالنا وأقوال إدارة الطرق في جازان. كلا. التحقيق لا يبدأ من الطريق، بل من تاريخ إنشاء الطريق وتاريخ نزع الملكيات وتاريخ حجج الاستحكام التي تم بموجبها تعويض الملّاك.
لماذا أهل جازان يقولون إن الطرق لا تنشأ وفق الحاجة ولا يسير تنفيذها حسب ما يتطلبه التوزيع السكاني وطبيعة الأرض وإنما يتم تنفيذها ومسار تنفيذها حسب جاهزية أصحاب الأراضي؟! ولهذا فالتحقيق في تاريخ تملك الأراضي التي يمر بها الطريق أمر ضروري لإبراء الذمم.
بسبب سوء التنفيذ فحوادث الموت في جدول جازان اليومي، لكن أن تقول إدارة الطرق إن الطرق سليمة ومجهزة بوسائل السلامة فهذا استهتار بحياة الناس، واستهتار بمصداقية الوزارة.
شرف أن يموت المواطن في المعارك على الحدود لكن من الضيم أن يموت مواطنون بفعل فساد ذمم مواطنين آخرين. حتى متى نظل نشكو ونقدم المعاريض والإسترحامات والأمور واضحة كل الوضوح، فالطرق ليست مما يخفى على عين المسؤولين الكبار في المنطقة والوزارة.
قد يكون من الصعب إعادة صرف المبالغ لتنفيذ الطرق من جديد، نتفهم هذا لكن لا نتفهم ولا نقبل أن يظل المسؤولون عن هذه الخيانات خارج التحقيق وخارج المحاكمة.
إن بقاءهم كما هم بلا تحقيق ولا محاسبات يجعلنا نغض الطرف عن كل شيء جميل في البلد، ويجعلنا عديمي الإحساس تجاه الباطل، وإذا مات إحساسنا تجاه الباطل ماتت فينا إنسانيتنا، وإنما قيمة وطننا هي في بقاء يقظتنا وإنسانيتنا.
أن يسيل دم المواطن على طريق في أي مكان في المملكة فكأن كل المواطنين سالت دماؤهم، وحين تقتل الطرق مواطنا في "فيفاء" فكأنما قتلت المواطنين جميعا، والمرارة كلها أن لا أحد يحاسب المسؤول عن هذا الموت ولا يحاسب المستهتر على استهتاره.
نحن نعيد طلبنا كل يوم في إرسال لجنة تحقيق من مهندسين وقانونيين تبرأ بهم الذمة من خارج وزارة النقل لينظروا في حال طرقنا ومدى مطابقتها للمواصفات العالمية، وأين ذهبت المبالغ المرصودة لها والتي ندفع ثمنها من حياتنا كل يوم وكل ليلة. وأن تعلن نتائج تحقيقها على الملأ ابتداء من تاريخ الاستحكام على الأراضي التي يمر بها الطريق ولمن ذهبت التعويضات وانتهاء بوسائل السلامة الأرضية والجانبية التي تقول إدارة الطرق إنها متوفرة.
قبل فترة توفي 25 مريضا في حريق مستشفى جازان العام ولم نسمع عن محاسبة أحد ولا سمعنا أن أحدا تمت محاكمته ودخل السجن، ولم نسمع حتى عن اسم المقاول الذي تولى التنفيذ، واليوم نموت جماعات ووحدانا على منحدرات "فيفاء" وسهول تهامة ولا أحد يحاسب أحدا.
نحن؛ ببساطة، مواطنون نعرف أن الميزانيات صرفت للمشاريع بمواصفات قياسية لكن تنفيذ هذه المشاريع ليس أمينا. ونطلب التحقيق في هذا لأنه صار يدمّر حياتنا ويديم إحباطنا وأحزاننا.
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2016/07/30