قنوات ضاعت وضيعت
عبده خال ..
مع الثورة الإعلامية ارتضت القنوات المتخصصة أن تكون مصدرا من مصادر الحقل الذي اختارته لنفسها بينما تفردت القنوات الترفيهية بتقديم أطباق مختلفة من البرامج فحصدت الإقبال والجماهيرية.
وفي تلك الثورة المتلفزة (التي ليس لدفعها دافع) خشي البعض من طوفان المواد الترفيهية المؤدية إلى طغيان الانحلال والتفسخ فبادر البعض منهم لإيجاد قنوات دينية متخصصة تقدم البرامج الدينية المنضبطة بنهج صارم وليس بنهج إعلامي، وكما بدأت الصحوة السير في طريق غير مدروس وأنتجت زوائد من الشخصيات النشاز التي سعت في الأرض لبذر الكره (وهي تظن بأنها تخدم الإسلام دفاعا عنه) حدث الشيء نفسه مع القنوات الدينية المتخصصة إذ تحولت إلى ساحة معركة بين التيارات الإسلامية ومذاهبها. ولأنها اللعبة الوحيدة المشوقة في تلك البرامج فقد جذبت إليها المحبين للفرقة والمحرضين لإظهار مقدار الاختلاف المذهبي بين كل فرقة، وبدل أن تقدم تلك القنوات رسالة حب للناس تفننت بإدارة الاختلاف واستقطاب كل التهم التاريخية لمواصلة الأحقاد لأزمنة قادمة.
وكما نجح أبطال الصحوة في كسب المؤيدين من خلال الصحف والأشرطة (في بداية انطلاقتهم) نجحوا أيضا في القنوات الدينية ورسخوا مبادئ عدة أهمها أن الدين محارب من قبل بني جلدته وشنوا معارك (دنكشوتية) ضد شخصيات عامة وأصحاب قنوات محلية، وفي كل تلك الحروب كانت (الحسابة بتحسب)... تحسب المال والمؤيدين الذين أخذوا على حين غرة.
وكان من المفترض أن تكون تلك القنوات بوابة هداية تدعو الناس إلى الحب ونبذ كل الخلافات وترميم كل جدار انقض إلا أن دخول الجانب التجاري في استقطاب المعلن فُتحت كل الأبواب فتم الاتجار بكل شيء بدءا من المذهب وانتهاء بالأحلام.
وليتها اكتفت بتقديم الجوانب الفقهية وزوايا السؤال والجواب أو جلسات ترويض وترويح النفس، ليتهم وقفوا عند هذا فلربما كان أسدوا لدينهم الخير بدلا من ايغار الصدور.
ولأن الكثير ممن ادعوا أنهم يقدمون برامج لخدمة الدين لم يكونوا على دراية وإلمام إعلامي بكيفية الطرح الإعلامي كانت برامجهم وبالا وذات أثر سيئ في إحداث الانشقاق.
والآن ونحن نتابع مقدار التردي الذي وصلت إليه تلك القنوات ليس أمامنا سوى التيقظ مما تخلفه من كوارث تصب في خانة الإرهاب.
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/08/02