«لا حقوق بلا أمن».... هل هذا معقول!
هاني الفردان ..
يقام اليوم السبت (6 أغسطس/ أب 2016) تحت رعاية رئيس مجلس النواب أحمد الملا المنتدى العربي الأول لحقوق الإنسان، تحت عنوان «التهديدات الإيرانية للأمن الإنساني العربي -لا حقوق بلا أمن-».
بعيداً عن مشروعية قيام هذا المنتدى بعنوانه المعلن، في ظل رفض وزارة العدل قيام جمعية «وعد» بندوة «مشابهة» تتحدث عن «إيران من الداخل»، إذ اعتبرت «الوزارة في رسالة المنع أن موضوع الندوة تدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى»، فقد يكون في منتدى مجلس النواب «تخريجة»؛ وهي أن الموضوع ليس في الشأن الداخلي الإيراني، بل في التدخل الإيراني في الشأن العربي وأمنه.
بعيداً عن تعقيدات الفرق بين الندوتين، سنتجه للشق الثاني من عنوان المنتدى المزمع عقده اليوم وهو «لا حقوق بلا أمن»، وهو شق خطير جداً، تتبناه السلطة التشريعية، يخالف ما هو متعارف عالمياً بشأن ضرورة تكريس توازن بين ثنائية الأمن وحقوق الإنسان وعدم المفاضلة بين طرفيها.
لا أعتقد أن مجلس النواب البحريني لا يعي بأن انتهاك حقوق الإنسان، بدعوى الحفاظ على الأمن، لم يعد خيارا مقبولا لدى الشعوب، وأن الوقائع أثبتت دوما أن التجاوزات الحقوقية تؤدي للإخلال بالأمن.
العالم انتهى من مناقشة العلاقة بين الأمن والحقوق، وخلص إلى أن العلاقة بين الطرفين تكمن في «التوازن بينهما، بل انطلقوا للحديث عن «الأمن الإنساني» ومفاهيمة، فيما مجلس النواب يعقد ندوة بعنوان «لا حقوق بلا أمن»!
هنا يجب الإشارة إلى دراسة منشورة على موقع المركز الإعلامي لوزارة الداخلية البحرينية بعنوان «الأمن الإنساني ومنظومة حقوق الإنسان»، إذ تؤكد هذه الدراسة في خلاصتها إلى وجود علاقة وثيقة بين الأمن الإنساني وحقوق الإنسان؛ باعتبار أن ثمة حقاً أساسياً لكل البشر يتمثل في حقهم كمواطنين في الأمن، وأن الديمقراطية وتطبيق قواعد الحكم الرشيد والمشاركة والشفافية والمساءلة متطلب مهم وضمانة لكفالة الأمن الإنساني في إطار الاحترام لكافة محاور ومجالات حقوق الإنسان.
بل ذهبت الدراسة التي تنشرها وزارة الداخلية على موقعها، إلى أنه «يجب على الدول والحكومات أن تسعى إلى دمقرطة أجهزة الأمن وسياسات تحقيقه؛ من أجل عدم الافتئات أو الجور على حقوق الإنسان بدعوى تحقيق الأمن القومي (...)».
الحفاظ على الأمن ضرورة لحقوق الإنسان، ولكنه لا يمثّل بديلاً له. ولا يجب أن يتم الحفاظ على الأمن على حساب حقوق الإنسان، ويدرك الجميع أن هناك صعوبة في تحقيق ذلك، أي في الموازنة بين حفظ الأمن واحترام حقوق الإنسان.
اتخاذ التدابير الفعالة لفرض النظام والقانون وتوفير الأمن من جهة، وحماية حقوق الإنسان من جهة أخرى، ليسا أمرين متضاربين متعارضين، ولكنهما متكاملان، حيث يعزز أحدهما الآخر، لا أن يشترط أحدهما لتحقيق الآخر!
مفهوم الأمن مرتبط بأهمية الحفاظ على أرواح الناس وأموالهم وأعراضهم، وكراماتهم وحقوقهم، وذلك من خلال الانضباط الكامل بالقوانين المحلية والدولية وشرعة حقوق الإنسان، وفي حال استخدام وسائل غير قانونية ولا تتسق مع الشرعة الدولية لن يؤدي إلى الاستقرار الدائم بل المؤقت المفروض بالقوة، بعيداً عن القناعة في ظل غياب الحقوق، ولذلك فإن أولوية الأمن لا تتحقق نتائجها الكاملة بدون مراعاة حقوق الإنسان، وكلّما جرى تجاوز ذلك، انعكس على الأمن سلباً.
حتى في أدبيات الأمم المتحدة، خلصت إلى أن نهج «الأمن أولاً» غير مُجْدٍ في منع التطرف والعنف، مؤكدة أن احترام حقوق الإنسان كنهج أساسي أكثر فاعلية على المدى البعيد مقارنة بالتدابير الأمنية المشددة، وأن تعزيز المساواة وعدم التمييز أساسيان لمحاربة الإرهاب، لا التغاضي عنهما بحجة «الأمن والاستقرار»!
نعتقد أن مجلس النواب بعنوان منتداه الذي سيرعاه اليوم (السبت) «لا حقوق بلا أمن»، أخطأ كثيراً؛ كونه معنيّاً بالدرجة الأولى بالحفاظ أولاً على حقوق الناس، التي من خلال ضياعها تحدث الأزمات في مختلف المناطق، فلن تجد في أي منطقة تشهد نزاعات وعدم استقرار أمني، إلا وراءها حقوق ضائعة.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/08/06