آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد السويد
عن الكاتب :
كاتب سعودي ، متخصص في إدارة الاصول والثروات

خطر المركزية على رؤية المملكة 2030


محمد عبدالله السويد ..

خلال العقود الماضية عندما كانت السعودية في بداية نموها وكانت تحتاج إلى تطبيق سياسات اقتصادية اجتماعية "Socialist" كانت عملية اتخاذ القرار المركزية مهمة ومطلوبة وذلك لصغر حجم الاقتصاد آنذاك وقلة عدد السكان مقارنة بالسنوات العشر الأخيرة، ولكن مع التوسع العظيم في الاقتصاد وعدد السكان والمناطق خلال العقدين الماضيين وتحول السعودية للاستعانة بالقطاع الخاص في التوسع الاقتصادي، أصبح من الضروري أن يتم مراجعة مركزية الإدارة الحكومية بمختلف أقسامها وتحولها إلى اللامركزية لتتواءم مع تطلعات رؤية السعودية 2030م

حجم الاقتصاد السعودي وجغرافية البلد في الوقت الحالي لا يمكن الاستفادة منه وتفعيله بالشكل المطلوب باستخدام طريقة مركزية في الإدارة والتخطيط خاصة وأن توجه الرؤية ينص على الاستعانة بالقطاع الخاص ورفع الكفاءة والإنتاجية واستخدام موارد البلد الشحيحة بالشكل الأمثل. السعودية الآن مثل الشركة الضخمة Conglomerate أصبح لديها موارد وأنشطة متنوعة لا تحصى تستدعي وجود تخطيط إستراتيجي على عدة مستويات، أهمها المجلس الاقتصادي والمجلس السياسي على شكل الـ Corporate Level فيتطلب أن يكون أكثر مرونة في التعامل مع المناطق والتي تمثل وحدات العمل الإستراتيجية على شكل الـ Business Level والتي تعتبر أكثر أهمية من الوزارات الحكومية لتحقيق أهداف الرؤية.

أسلوب الإدارة المركزية للمناطق عن طريق الوزارات الحكومية يمكن تشبيهه بشركة لديها أنشطة تجارية متنوعة جدا ذات عوائد مختلفة، بعضها رابح وبعضها خاسر والباقي بدون ربح أو خسارة. الشركة في هذه الحالة ستقوم باستخدام موارد الأنشطة الرابحة لصرفها على الأنشطة الخاسرة لأهدافها العامة مما يهدد استمرارية الأنشطة الرابحة على المدى الطويل ويجعلها عرضة للتصفية لأن مستقبلها مرهون بالأنشطة الخاسرة وبالتالي تعرض الشركة ككل لخطر التوقف عن العمل تماما والتصفية.

النصيحة التي تتلقاها الشركة عادة في مثل هذه الظروف هو أن تقوم بالتخلص من الأنشطة الخاسرة سواء ببيعها أو تصفيتها وتركيز الموارد على الأنشطة الرابحة لكي تضمن استمراريتها. وفي بعض الأحيان تختار الشركة بالاحتفاظ بجميع الأنشطة ولكن تقوم بفصلها على المستوى القيادي Corporate Level لتكون وحدات الأعمال منفصلة عن بعضها لتقوم بإدارة مواردها بشكل مستقل لتقوم بعملية التخطيط لاستدامتها بشكل جيد بدون أن تضيع مواردها لوحدات عمل أخرى.

عندما نعود لواقع الإدارة المركزية للمناطق والوزارات الحكومية فرؤية السعودية 2030 تحتم عليها اتخاذ نفس المفهوم السابق للشركة المتعددة الأنشطة وتقوم بتصميم إدارة لا مركزية للمناطق والوزارات الحكومية تساعدها على إدارة مواردها بالشكل الصحيح والأكثر فائدة لكل منطقة بحسب طبيعتها الديموغرافية والتجارية والطبيعية وخلافه. على سبيل المثال، تتميز المنطقة الجنوبية للمملكة بموارد طبيعية يمكن استخدامها للسياحة وخلافه، في فترة من الفترات نجح الأمير خالد الفيصل في تنمية هذا الجانب في ظل الإدارة المركزية للبلديات والتجارة، مع أنه كان من الممكن أن تفيد اللامركزية في تحفيز إنشاء المنتجعات والتخطيط الحضري لتنمية المنطقة ليوفر دخلا جيدا من الرسوم الممكن فرضها على أنشطة المنطقة التجارية والسياحية.

أعتقد أن الوقت مناسب الآن لمراجعة الخطط المركزية للوزارات الحكومية للمناطق وإعطاء مجالس المناطق صلاحيات أكبر في عملية تنمية مناطقها من ناحية ميزانية المنطقة بالإضافة إلى الأنظمة التشريعية المحلية التي يمكن الاستعانة بها لتنمية اقتصاد المنطقة وتلبية حاجات قاطني المدن بمختلف تشكيلاتها. في نفس الوقت، يمكن وضع آلية مركزية لمراقبة ومحاسبة إدارات المناطق وذلك سواء عن طريق إجراءات حوكمة رؤية السعودية 2030 أو عن طريق آلية يتم إعدادها وتطبيقها بشكل منفصل عن طريق مجلسي الاقتصاد والسياسة معا لتضمن جودة التنفيذ.

خبير مالي ومتخصص في إستراتيجيات الشركات
جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/08/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد