مع أول يوم تداول.. من يبيع أسهم الاكتتاب بخسارة؟
عبدالرحمن ناصر الخريف ..
على الرغم من وضوح الآلية التي يتم من خلالها بيع الشركات بكامل قيمتها الفعلية في سوقنا -وربما أكثر- عبر تعدد حالات رفع رأس المال وإقرار علاوة إصدار ليتم قبض قيمتها مع الاحتفاظ بالإدارة والنسبة الكبرى من الملكية، وماثبت لجهاتنا من وجود تجاوزات في بعض ماطرح بالسوق، مازال معظمنا يتساءل وباستغراب شديد عن أسباب انهيار سعر السهم فور تداوله لأقل من سعر الاكتتاب وبنسبة قد تصل إلى (30%) والبيع يتم لكميات كبيرة من السهم وسط ذهول المكتتبين المتوقفين عن بيع ماخصص لهم، بل المؤسف تورط البعض منهم بالمغامرة بالشراء مستندا على أرقام التغطية المعلنة الكبيرة للظفر بهذا السهم الاستثماري الذي تخلى عنه ملاكه لنا! وهو التساؤل الذي لايمكن أن يجد المتداول الإجابة المقنعة مادام أنه يريدها من مصادرها.
ومع محاولات الجهة الرقابية الحد من دخول الأفراد للسوق لتقليل المخاطر بخفض نسب الطرح لهم وتوجيه النسبة العليا للمستثمرين بأسماء تجارية الذين يحددون علاوة الإصدار فإن الكمية الكبرى التي ستتحكم بالسوق ستكون لدى مستثمر واحد أو مستثمرين (سواء مؤسسين أو غيرهم) والذين قد يكتفون بما تم تحصيله من الأفراد ليصبح الباقي من الأسهم بمثابة أرباح عينية يمكن تسييلها وقت التداول وبأقل من سعر الاكتتاب! فالمؤسسين عادة يعلمون بحقيقة التقييم المالي والفرص والمخاطر ويدل على ذلك أن الكميات التي تباع بعرض واحد بأول وثاني يوم تداول كانت بكميات كبيرة وهي ليست مما خصص للأفراد! ومثل تلك الممارسات شاهدناها عدة مرات وكان التبرير المخجل لانهيار السهم هو اندفاع الأفراد بالبيع وكأننا نجهل إجمالي ماخصص لكل أسرة! وهو مايتسبب في خسارة مضاعفة لمن اكتتب وأراد اقتناص السهم بتلك الأسعار.
ففي حقيقة الأمر إن الآلية المتبعة حاليا بتقييم العلاوة من قبل شركات استثمارية ليست الطريقة الناجحة بسوقنا التي تعتمد عليها هيئة السوق في الموافقة على الطرح بالسعر العادل للمستثمر الجديد والقديم، لكوننا أصبحنا نلحظ أن معظم مايطرح بتلك العلاوات عبارة عن تصريف لشركات انتهت صلاحياتها وبأسعار عالية تحرج الهيئة بانكشاف القيمة الحقيقة للسهم وخسارة المتداولين واستئثار شركات ومستثمرين بالكعكة وتحويل الخسارة لمن كان يأمل بالارتداد! وبمتابعة قوائم العرض قبل وأثناء التداول تشاهد كميات كبيرة من المؤكد أنها ليست ماخصص للأفراد مما أوجد انطباعا بأن تلك الشركات الاستثمارية المكتتبة هي من يبيع بخسارة وهناك من لديه المعرفة لمن تتبع له تلك العروض أو الطلبات التي تتم بالصفقات ومدى تبعيتها لبعض وحالات الكشف والعقاب للتلاعب لاترفع الضرر عن المتداول! فالتنظير لايمكن أن يستمر بسوقنا مادام أن قوى العرض والطلب ليست حرة بالمعنى الحقيقي، لوجود مصالح وعدة محافظ تابعة وهو ما يفقد الثقة بسوقنا ويتسبب التمادي في انتشار قناعة لدى المستثمر المحلي والأجنبي بعدم وجود شركات تستحق الاستثمار وضبابية وتلاعب بقيم الطروحات وخصوصا أننا شاهدنا إفلاسا وعجزا عن تسديد الديون العالية لشركات حديثة الدخول للسوق، وهنا أعيد ماسبق نشره هنا قبل سنوات بأن تطرح الشركات بالتداول عبر البيع المباشر بالسوق بدلاً من الاكتتاب ومن خلال عرض المؤسسين لكميات لاتتجاوز نسبة معينة من رأس المال (30%) أو أكثر، وتتم الصفقات مثل أي سهم وعبر تحديد المالك للسعر ليترك لقوى السوق تحديده ولمن يرغب الشراء، أو تخفيض السعر الى المستوى الذي يجد فيه المشتري بالسعر المناسب، وكما طبق سابقا عند طرح بعض الشركات بالسوق في بداية سوق الأسهم ليستمر ملاكها الأساسيون في التملك والإدارة وعدم التمكين من تصريف مايطرح بأسعار خيالية تسيئ للسوق ككل وهو مايرفع الحرج عن الجهات في إجازة علاوات مبالغ بها لم تستمر في تملكها الشركات الاستثمارية التي حددتها.
لصالح صحيفة الرياض
أضيف بتاريخ :2016/08/21