آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
سطام المقرن
عن الكاتب :
كاتب سعودي

رسوم النفايات البلدية

 

سطام المقرن ..

فرض رسوم على النفايات ربما يكون بهدف تغطية التكاليف، وزيادة مخصصات عقود النظافة على حساب التلوث البيئي

 

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي خبرا عن عزم وزارة الشؤون البلدية والقروية فرض رسوم على النفايات السكنية والتجارية، وربطها مع فواتير الكهرباء، إلا أن مصادر في الوزارة ذكرت أن هذا القرار عبارة عن "مسودة للدراسة في هيئة الخبراء، ولم يصل الوزارة لحينه ما يخصها"، كما نفت شركة الكهرباء وفقا لإحدى الصحف المحلية "ما هو متداول، مؤكدة أن الشركة لم يصلها إضافة رسوم للنفايات على فاتورة الكهرباء".

 

ومما سبق، يتضح أن وزارة الشؤون البلدية والقروية عازمة بالفعل على إصدار قرار فرض الرسوم على النفايات السكنية والتجارية، وأسباب فرض الرسوم غير واضحة لكثير من المواطنين، الأمر الذي أدى إلى استياء الناس من هذا القرار، باعتباره مجرد جباية لزيادة إيرادات الأمانات والبلديات، والبعض الآخر اكتفى بالقول إن هذه الرسوم هي من أجل تحسين الخدمات البلدية والنظافة، مما يعني ذلك أن هذه الرسوم هي في حقيقتها عبارة عن ضريبة غير مباشرة، ولكن في شكل رسوم، والوزارة للأسف لم توضح أسباب هذا القرار حتى وإن كان ما زال في طور إجراءات إصداره كمسودة مشروع قرار، على الأقل من مبدأ الشفافية ومشاركة المواطنين في اتخاذ القرار.

 

قبل الخوض في نقاش موضوع إدارة النفايات البلدية، لا بد من الإشارة إلى ارتفاع تكاليف عقود النظافة في الأمانات والبلديات، والتي تصل إلى عشرات المليارات من الريالات، تزداد هذه التكاليف مع زيادة عدد السكان، وبالتالي زيادة نسبة النفايات وزيادة تكاليف عقود النظافة، ويبدو أن الهدف من فرض الرسوم مبدئيا، هي تغطية هذه التكاليف في ظل الإدارة السيئة لعقود النظافة، ناهيك عن سلوك بعض المواطنين في التعامل مع النفايات.

 

والسؤال المطروح هنا: هل تتحسن إدارة النفايات البلدية بعد فرض الرسوم، وبالتالي يتمتع السكان ببيئة نظيفة خالية من التلوث؟.

 

ما نراه على أرض الواقع، خاصة في المدن الرئيسية هي مشكلة تلوث بيئي حقيقي ناتج عن النفايات السكنية والتجارية والصناعية، فعلى سبيل المثال، نجد في الأحياء السكنية انتشار الروائح الكريهة بسبب رمي أكياس النفايات المنزلية عند البيوت، إضافة إلى اتساخ الحاويات وامتلائها ورمي الأكياس بجانبها، وفي جميع الأوقات، كذلك رفض العديد من السكان للحاويات الصغيرة بالقرب من منازلهم، حتى لا تصبح مركز تجميع لنفايات الحي، ناهيك عن تراكم مخلفات البناء في الأراضي الفضاء داخل الأحياء السكنية، كما نشاهد أيضا انتشار ظاهرة إلقاء النفايات من نوافذ السيارات دون رادع أو عقاب!

 

أما بخصوص المحلات التجارية والمطاعم، فهي لا تختلف عن المباني السكنية، حيث تنتشر روائح الصرف الصحي، وتراكم النفايات في الحاويات بشكل مقزز، مع خلط النفايات ببعضها البعض، كما نلاحظ أيضا تلوث مركبات نقل النفايات التابعة للبلدية، والتي ربما تنقل الأوبئة والجراثيم معها، إضافة إلى افتقار مرامي النفايات إلى الاشتراطات والمعايير البيئية.

 

فعلى سبيل المثال، قد نجد المرمى غير مسوّر بشبك حام يحول دون وصول الحيوانات السائبة إليه، أو وجود حريق داخل المرمى بسبب مخلفات المواد الكيميائية. فكيف تعاملت الأمانات والبلديات مع هذه الإشكاليات البيئية؟ بالطبع هنا لا أتحدث عن تكاليف عقود النظافة وكيفية تقديرها، ولا عن طرح هذه العقود في المنافسات العامة، وعن الشركات المتقدمة لها ومدى تأهيلها لذلك، ولكن هناك أسئلة أوجها إلى الأمانات والبلديات:

هل جميع مراحل إدارة النفايات في الأمانات والبلديات المطبقة على أرض الواقع تتفق مع النظام العام للبيئة ولائحته التنفيذية، وكذلك مع السياسات البيئية الوطنية؟ وهل مخاطر التلوث من النفايات تدار بصورة كافية؟

 

لقد نصت المادة الرابعة من نظام إدارة النفايات الصلبة، على أن تتولى وزارة الشؤون البلدية والقروية رفع المستوى الصحي وسلامة السكان وراحتهم في مدن المملكة وقراها، وذلك عن طريق تقديم الخدمات وإدارة النفايات البلدية الصلبة. فهل التزمت الوزارة بتحقيق متطلبات هذه المادة كما هو مطلوب منها؟ إضافة إلى ما سبق، تضمنت لائحة الغرامات والجزاءات عن المخالفات البلدية ما يتعلق بمخالفات الصحة العامة، مثل إلقاء النفايات في غير الأماكن المخصصة لها "فضلات الطعام من المنازل والمطاعم، وإلقاء النفايات من السيارات..الخ"، وتسرب مياه الصرف الصحي، وقد حددت اللائحة الحد الأدنى والأعلى للغرامة. فهل يتم تطبيق هذه الغرامات فعلا على أرض الواقع، أم أنها مجرد حبر على ورق؟

 

 

لا شك أن الرسوم على النفايات تعدّ إحدى الوسائل المعتمدة عالميا، والتي تهدف إلى تخفيض حجم إنتاج النفايات، والتشجيع على خفضها من المصدر، كما تهدف إلى الحفاظ على البيئة من التأثير السلبي للنفايات، خلال تطبيق هذه الرسوم على جميع منتجي النفايات "السكنية والتجارية والصناعية والمهنية والحرفية والإنشائية..إلخ"، وكذلك على الجهات الحكومية وعلى الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص.

 

وعل الرغم من أهمية هذه الرسوم، فإنها تظل بلا فائدة دون معالجة حقيقية وجادة للخلل الموجود في إدارة النفايات الصلبة بجميع مراحلها، وليس هذا وحسب، بل ربما تكون هذه الرسوم مجرد زيادة في مخصصات عقود النظافة على حساب التلوث البيئي، وزيادة أيضا في أرباح الشركات، وبالتالي زيادة في هدر المال العام!.

 

لصالح صحيفة الوطن

أضيف بتاريخ :2016/08/23

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد