خيارات التنويع الاقتصادي
عيسى الحليان ..
تكمن أهمية القطاع الاقتصادي باعتباره «راديتر» القطاعات الأخرى التي قد تعاني من سخونة قد تفوق مثيلاتها في بعض الدول، وهذا «الراديتر» العملاق هو من يكبح جماحها حاليا، وعلى الرغم من كونه المغذي التاريخي لكل هذه القطاعات، إلا أن المفارقة أنها من تتحكم به وبضبط إيقاعاته أكثر مما يفعل هذا القطاع المغلوب على أمره.
عموما، في هذا القطاع لا حديث يعلو فوق حديث تنويع مصادر الدخل والذي يفوق في أهمية حاليا أهمية زيادة الدخول الفردية ذاتها لارتباطه بها ارتباطا ميكانيكيا صرفا، لكن ونحن لم نحقق تقدم يذكر في مجال التنويع الاقتصادي رغم كل الضجيج الذي صاحب هذه الخطط والمبادرات والإستراتيجيات التي لا داعي للحديث المكرر عنها، كيف سيكون التعامل ليس أمام متطلبات التنويع الاقتصادي كإجراء وقائي فحسب، وإنما إزاء تمويل بعض البنود الأساسية في ميزانية الدولة كاستحقاق آني وضروري يسبق مسألة التنويع حاليا؟
هل سيتم اللجوء للرسوم والضرائب من قبل وزارة المالية كضريبة القيمة المضافة مثلا، وهذا وإن حدث فلن يغير كثيرا من المعادلة لأكثر من سبب، خصوصا لسبب خاص بنا وهو أن القطاع الخاص ودخل كثير من الأسر أيضا يعتمد على الإنفاق الحكومي ذاته، وبالتالي فأنت لا تقتطع هذه الرسوم من قطاع إنتاجي مواز للدولة لتمويل بعض مصروفاتها التنموية، وإنما سيتم توليدها من صلب هذا القطاع الذي لا نزال نبحث له عن بدائل خصوصا أن نسبة القطاع الخاص من الناتج المحلي لا تزال نسبة متدنية ولم تحقق تقدما يذكر!!
أم هل سوف نسعى لتحرير مفردات هذا القطاع بالكامل كالسياحة والحج والعمرة وتجارة الخدمات والطيران وغيرها وتستوفى شروطه لكي يكون قطاعا إنتاجيا ومولدا لدخل إضافي حقيقي كما هو الحال في بعض الدول المجاورة التي بنت قطاعا خاصا قلل من نسبة مساهمة النفط في الناتج المحلي إلى 30% وهذا بطبيعة الحال يتطلب إصلاحات جذرية وجوهرية في صلب هياكل الاقتصاد والتجارة التي ترتبط مفاصلها بقطاعات أخرى قد لا يكون لديها الاستعداد أو التصور لدرجة الحاجة لهذه المتطلبات!!
أم هل سوف نقوم باقتفاء اقتصاد المعرفة الذي يلوح به بعض رجال الدولة ليكون الفرد هو محور الإنتاج، وهذا الفرد ليس جاهزا حاليا من حيث التعليم والتأهيل والتدريب وبيئة العمل ككل، وهو ما يتطلب إعادة النظر في منظومة التعليم برُمتها وتحرير عنصر «الجودة» من براثن العوامل الأخرى التي طغت عليه وهذه المسألة تتقاطع هي الأخرى مع دوائر أخرى ليست واعية أو جاهزة لهذه المسألة.
أم أن هذا الأمر برمته سيتم في نهاية المطاف وفق نظرية اقتصاد محلية راسخة «سدد وقارب» ليكون الصرف على قدر ما في الجيب، وهذا مادرجنا عليه في كل الأزمات المالية التي مرت بنا أو مرينا بها!!
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/08/25