غُيبت «المعارضة»... وغابت «معارضتها»
هاني الفردان ..
بدأ الحديث عن انحسار العمل السياسي في البحرين، وعلى أقل تقدير الحديث عن «تجميد العمل السياسي» في البحرين بشكل أصبح واضحاً أنه لا «سياسية» حالياً، وما هو موجود خيارات أمنية أصبحت تحمل طابع «العلنية»، وعن وجود جمعيات سياسية لا حاجة لها.
من أهم ملامح ما نعيشه من حالة سياسية في البحرين، هو غياب تام للجمعيات السياسية عن المشهد العام، ذلك الغياب ليس مرتبطاً فقط بجمعيات المعارضة «المجبرة» على ذلك بالقوة حتى تم إغلاق كبرى الجمعيات السياسية (الوفاق)، بل طال حتى جمعيات «معارضة المعارضة» من ائتلاف جمعيات الفاتح، التي أفل نجمها، منذ أكثر من عامين.
منذ فترة طويلة جداً، لم يسمع أحدٌ صوتاً لـ «معارضة المعارضة»، وآخر ما سُمع عن «معارضة المعارض» تصريح للناطق الرسمي باسم «الائتلاف» يعلن فيه في العاشر من يوليو/ تموز 2015 عن «تجميد اجتماعات الائتلاف»، وعلى رغم تجاوزنا العام الكامل وأكثر لم يعد ذلك التجمع للاجتماع من جديد!
الواقع يشير إلى أنه وبحسب تصريحات الناطق الرسمي باسم ذلك التجمع - في ذلك الوقت - أن «بعض الجمعيات ترى أن أهمية الائتلاف في الماضي مرتبطة بهدف معين وعلى ضوئه تم تكوينه، ولكن بعد مضي فترة وعودة البلد إلى هدوئها ترى تلك الجمعيات أن الائتلاف أصبح غير ذي جدوى»، وهو ما يؤكد أنها أصبحت غير ذات جدوى في ظل «الهدوء» الذي يرونه، وعدم فاعلية «معارضتهم للمعارضة» حالياً.
واقعياً وسياسياً، تم إسكات وتقويض «المعارضة» رسمياً بحل وتصفية جمعية «الوفاق»، وضرب نشاطها وتضييق الخناق على الجمعيات الأخرى.
ذلك التقويض فرض واقعاً طال وجود الجمعيات السياسية الأخرى، التي اختفت من الساحة بشكل فعلي، ولا سيما أن وجودها كان لمواجهة تحرك شعبي معارض، من خلال «معارضة المعارضة». وقد ذكر تقرير لإحدى الجمعيات أن شارعهم استخدم كورقة ضغط شعبية مناهضة رافضة لمطالب المعارضة التي وصفوها بـ «الأحادية».
عندما تغيب «المعارضة» أو تُغيب، لن تجد أثراً للجمعيات السياسية الأخرى، وخصوصاً في الطرف الآخر (معارضة المعارضة) فلا داعي لوجودها وحراكها وعملها، طالما من تعارضه غير فاعل أو غير موجود.
أحد قيادات تلك الجمعيات نشر مقالاً رائعاً بعنوان «لا تلعبوا بالنار» نشر في (7 مايو/ أيار 2014)، تحدّث فيه بوضوح وشفافية وصراحة منقطعة النظير، ووصف حال «جمعياتهم السياسية» بأفضل الأوصاف، قائلاً: «أستغرب كيف تهرول الجمعيات السياسية وهي تعلم بأنها مجرد دمى يراد لها أن تبصم على تنازلات...».
الشخصية ذاتها، هو من أطلق على تلك الجمعيات و«ائتلافها» بالوصف الشهير «الريموت كنترول»، أثناء جلسات حوار التوافق الوطني، والذي أثار ضجة كبيرة، وهو أيضاً من وصف الجمعيات ذاتها بـ «الدمى»، وقياداتها بـ «البصامين» و«المهرولين» وراء التنازلات... ولذلك لا نجد لها دوراً حالياً، فقد فرض عليها «الغياب» والانزواء بقوة «ناعمة» خلافاً لما حدث للمعارضة التي استخدمت لتغييبها «القوة القاهرة».
إذا كانت المعارضة غيبت قسراً، لقول البعض إن أجندتها غير «وطنية»، فلماذا غابت الجمعيات السياسية الأخرى (معارضة المعارضة) من الساحة أو غيبت؟ فأين تلك الجمعيات وقياداتها؟ ولماذا اختفت من المشهد السياسي؟
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/09/07