لا شيء يبقى للأبد..
أمجد المنيف ..
الجمادات وحدها من يبقى ثابتا إلى الأبد، أو أن يتدخل شيء لتحريك هذا الثبات، سوى ذلك متروك للقدر.. والتقادم، وهذا ما يعني أنه لا يمكن للباب، أو النافذة، أو آلة البيانو أن تكبر، أو تصغر، كل ما عليها أن تستسلم للصدأ، بعد مسيرة عمر.
الإنسان الطبيعي، أو لنقل السوي، بطبعه التطور والنمو والتغير، لأنه مزيج من التعليم والثقافة والخبرات والاختلاط، والكثير من الخيبات والنجاحات، والأهم هو نضوج القناعات وتبدلها، لهذا فهو كائن متمرد على السائد في حياته بخجل، يزعم عدم التغيير ويفعل، يلاحق أحلامه وينميها ويدعي الثبات، ويحلف أيمانا غليظة أنه هو القديم، ويدافع عن ذلك بقوة وكبرياء وسبق إصرار!
يرغب معظمنا، وهي رغبة غير مدركة، مزروعة عبر "اللا وعي"، أن يبقى كل من مر بحياتنا، بمختلف مراحلها، على حالهم بثبات، وأن يكونوا في إطار الصورة التي نختزلها عنهم، وعن ذواتهم وشخصياتهم، بمهاراتهم وإمكاناتهم وقناعاتهم.. بينما نكون نحن في تمرحل متسارع، في نظرة أنانية ذاتية. والسبب، كما أعتقده، يعود لكوننا تكيفنا مع هؤلاء الشخوص ضمن خطوط محددة، نرفض أن يتمردوا عليها، وأسقطنا عليهم تقييمنا، وتعايشنا مع رؤاهم كما هي، لذلك يصعب تقبل التحول الجديد، الذي يجبرنا على المران للتكيف، لأنه كفيل بتحطيم الصورة الأساسية المؤقتة، المحكومة في مساحتها الزمنية، وظروفها المصاحبة.
التغير شيء أصيل لدى الإنسان، وغالبا للأفضل، مع ضرورة التنويه لاختلاف عناصر التقييم، لأن ما يعتقده البعض أفضل؛ يكون غير ذلك لدى الآخرين، والعكس يأخذ ذات الحكم، لكن الفيصل أن التغير هو أمر واقع، بغض النظر عن مساره ومنهجه.. ولكن، يجب الأخذ بالاعتبار، أن بعض التغيرات آثارها تتعدى أصحابها، وينتقل أثرها إلى أبعد من حدودهم، حيث يكون لها أثر على الآخرين، من رؤى وقرارات وعهود وغيرها، وهنا نستطيع أن نقول إن التغير بصمت هو خيانة، وبه الكثير من الغش، لأن مثل هذه الحالات تستوجب الإعلان، والتبرير، والتعاطي الجاد مع طرح السابق واللاحق، والمسافة بينهما، وأمثلة ذلك مختلفة ومتشعبة، ولكن من ضمنها أن يتراجع متطرف عن آرائه بصمت، دون أن ينوه لمريديه أنه كان مخطئا.
ما أود قوله، هو أن القناعة كنز.. (يفنى)، وكل من يقول غير ذلك فانٍ أيضا، ولهذا قارنوا أنفسكم بالأمس، بقبل عام، أو خمسة أعوام، وراجعوا كل القناعات، وتفكروا! والسلام
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2016/09/22