آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
انور أبو العلا
عن الكاتب :
كاتب سعودي

تأثير عودة ليبيا إلى تصديرها للبترول


أنور أبو العلا ..

كان إنتاج البترول الليبي يتراوح صعودا وهبوطا بين 225 – 425 ألف برميل في اليوم على مدى الثلاث سنوات الأخيرة (منذ منتصف عام 2013 إلى منتصف عام 2016) بعد أن كان إنتاج البترول الليبي تاريخيا يتراوح بين 1.62 – 1.75 مليون برميل في اليوم قبل بداية الربيع العربي.

البترول الليبي يتميّز بجودته العالية وسهولة نقله بحرا إلى الجانب الآخر للبحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا ومن ثمّة إلى ألمانيا وفرنسا ودول أوروبا الصناعية الأخرى وهو البترول المفضّل في أسواق أوروبا ولن يجد بترول ليبيا صعوبة في استعادة مكانته السابقة في الأسواق الأوروبية بمجرد أن تتمكن ليبيا من إعمار طاقتها الإنتاجية وزيادة إنتاج وتصدير بترولها إلى أسواق البترول العالمية.

تتجلى لنا أهمية البترول الليبي بالنسبة للدول الأوروبية (عقر دار الصناعة المتقدمة) عندما نعرف أن وكالة الطاقة الدولية IEA اضطرت لأول مرة منذ عام 2005 عقب إعصار كاترينا للسحب (وهي نادرا ما تفعل هذا) من الاحتياطي الاستراتيجي للتعويض عن انقطاع تصدير البترول الليبي إلى أوروبا في صيف عام 2011 حيث لم يكن يوجد بديل متاح يستطيع أن يحل محل البترول الليبي حينذاك.

الآن ليس من المتوقع أن تستطيع ليبيا أن تعود إلى كامل طاقتها الإنتاجية قبل اندلاع الحرب الأهلية في ليبيا بسهولة ووقت قصير بل يحتاج أموالا طائلة وقد يستغرق أكثر من سنتين كي تستطيع ليبيا أن تعود إلى مستوى إنتاجها السابق في عهد معمّر القذافي حوالي 1.65 مليون برميل في اليوم.

لكن هذا لا يعني – بأي حال من الأحوال – أن ليبيا لن تستطيع الآن أن تزيد إنتاجها تدريجيا إلى حوالي المليون برميل وبالتالي سيبلغ صافي تصديرها إلى الخارج حوالي 650 ألف برميل في اليوم وهو لا شك انه سينافس بشراسة ويزيح بجدارة بترول الدول الأخرى في السوق الأوروبي.

السؤال المهم الذي قد يواجه جميع المختصين بأسواق البترول هو كيف ستستقبل منظمة أوبك قدوم ليبيا إلى إنتاج وتصدير البترول إلى الأسواق العالمية؟

الجواب كما أراه شخصيا: من متابعتي اللصيقة لمسيرة أوبك التاريخية يتبيّن أنه على مدى 25 عاما منذ عام 1991 إلى منتصف هذا العام 2016 يبلغ متوسط نصيب دول أوبك من إنتاج العالم 40 % مع الميل للزيادة إلى بين 41.5 – 43.5 % في السنوات الخمس الأخيرة. وهذا يدل أنه دائما يوجد من داخل أوبك بعض الدول التي تُعوّض تلقائيا النقص الطارئ في إنتاج بعض دول أوبك الأخرى. وهكذا يبدو أنه يوجد عرف ضمني (رغم أنه قد يكون بعدم رضا البعض) بأن القاعدة لسياسة إنتاج البترول في منظمة أوبك هو الحفاظ على نسبة أوبك الإجمالية من إنتاج العالم للبترول بالتسامح (أو غض الطرف) لبعض الدول لتسد النقص في نسبة دولة أخرى كي لا يحدث فروقات تخل بنسبة الحصة الإجمالية للمنظمة.

صحيح في الفترة الأخيرة بسبب التغيرات المتسارعة في القيادات العليا (أو صانع القرار) تجاوزت أوبك سقف حصتها العليا لكن وفقا لتوقعاتي إنها تجربة ثبت لصناع القرار الجدد عدم نجاحها ولن يلبث طويلا حتى تعود أوبك إلى سياساتها التالدة الخالدة للتمسك بحصتها التقليدية.

الخلاصة: نستنتج من السرد التسلسلي المنطقي المترابط للجواب على السؤال المطروح أعلاه بأن عودة إنتاج ليبيا (أو حتى غيرها من دول أوبك التي تنتج الآن أقل من حصتها التاريخية) سيتم امتصاصه تدريجيا بسلاسة من غير حدوث ضجة تماما كما زاد إنتاج بعض الدول الأعضاء في أوبك التي زاد إنتاجها بسلاسة تدريجيا من غير ضجة للتعويض عن انخفاض إنتاج بعض الدول الأعضاء في أوبك التي انخفض إنتاجها لظروفها الاضطرارية الطارئة. هكذا هي أوبك – كما عرفتها – كانت منذ تأسيسها قبل ست وخمسين سنة وستبقى كما هي حتى تجف آخر أبار بترولها النبيل.

جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/10/02

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد