تخفيض أو تجميد الإنتاج.. مخاطرة
فهد محمد بن جمعة ..
كان المتوقع من اجتماع الأوبك الأسبوع الماضي تعزيز حصصها السوقية وامتصاص الطلب العالمي بدلا من الحديث عن الاتفاق والتوافق، حيث أن الاتفاق يعني العودة مرة أخرى إلى السلوك التقليدي بممارسة السعودية لدور "المنتج المرجح" وعدم التزام المنتجين الصغار بحصصهم السوقية، بينما التوافق هو الأفضل على أساس أن عوامل السوق قادرة على تحديد الحصة السوقية لكل منتج عند أفضل الأسعار الممكنة. هكذا يستفيد المنتج من الميز النسبية التي يمتلكها من تدني تكاليف الإنتاج وحجم الطاقة الإنتاجية والاحتياطي وقدرته التنافسية على المديين القريب والبعيد.
للأسف مازالت الأوبك تحصر نفسها في زاوية الإنتاج من خارج الأوبك لتسد المتبقي من الطلب العالمي. كما أن قراراتها مازالت أيضا محصورة في نظرية التأثير على الأسعار العالمية الذي لن يدوم طويلا، فالأسواق العالمية تعيش في فترة من تخمة النفط (لم تعد ذروة) مع توفر البدائل، فعندما يخفض منتجٍ ما إنتاجه سواء بإرادته أو بغيرها، فان المنتجين الآخرين ينتظرون الفرصة لزيادة إنتاجهم على الفور سواء من الآبار أو المخزونات المتراكمة. لذا السؤال المطروح لماذا منظمة الأوبك لم تطور نفسها وتصبح منظمة ابتكارية وتوجد حلولا إبداعية لتسويق ما ينتجه أعضاؤها سواء مباشرة أو غير مباشرة بربطه بعمليات التصنيع من منتجات بترولية وبتروكيماوية. وهذا ما تقوم به السعودية من إستراتيجية التسويق لنفطها من خلال الاندماج الرأسي أو الأفقي محليا وعالميا.
فقد أوضح تقرير الأوبك لشهر سبتمبر، سلوك متوسط الإنتاج لأعضاء الأوبك خلال الفترة من 2015م إلى أغسطس 2016م، حيث أن ثمانية من أعضائها لم يتغير إنتاجها أو تغير طفيفا (الجزائر، أنجولا، إكوادور، جابون، إندونيسيا، قطر، الكويت) أما الإمارات فزاد إنتاجها بمقدار 96 ألف برميل يوميا. بينما انخفض إنتاج ليبيا ونيجيريا وفينزولا على النحو التالي: 178، 292، 326 ألف برميل يوميا. أما الأعضاء الذين زاد إنتاجهم بشكل ملحوظ وبكميات متماثلة: السعودية وإيران والعراق بمقدار 437، 420، 421 ألف برميل يوميا على التوالي. لكن ارتفاع إنتاج السعودية من 10.3 ملايين في الربع الثاني/2016م إلى 10.6 ملايين برميل يوميا حاليا، نتيجة ارتفاع الاستهلاك في فترة الصيف وسوف يعود الإنتاج إلى ما كان عليه دون أن تنخفض الصادرات.
وبحساب الطلب على نفط الأوبك في عام 2016م بطرح إجمالي نتاج غير الأوبك (56.32) مليون برميل يوميا زائد المكثفات الطبيعية وغير التقليدية للأوبك من إجمالي متوسط الطلب المتوقع لنفس العام (94.27) مليون برميل يوميا، فإننا سنحصل على (31.66) مليون برميل يوميا، بينما بلغ إجمالي إنتاج الأوبك (33.24) مليون برميل يوميا أي بزيادة نسبتها 5%.
فإن هذه الزيادة في إنتاج السعودية وإيران والعراق وروسيا التي زادت إنتاجها من 10.44 في مايو إلى 11.1 مليونا في سبتمبر ليقترب من أعلى مستوى له عند 11.4 مليون برميل يوميا. هذا أدى إلى تراجع إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية من 9.6 إلى 8.5 ملايين برميل يوميا حاليا، مما لا يحفز تلك الدول على تجميد أو تخفيض إنتاجها. كما أن الأسعار منذ 11 ابريل حتى 26 سبتمبر بلع متوسط أسعار غرب تكساس 45 دولارا وبرنت 46 دولارا وكان أعلى مستوى وصلت إليه 51.23 و 50.73 دولارا في 8 يونيو. ومن المتوقع في عام 2017م أن يكون متوسط الأسعار ما بين 50-55 دولارا. وعلينا أن نتنبه بأنه في حالة ارتفاع الأسعار سوف يزيد الإنتاج الأمريكي ونعود مرة أخرى إلى نقطة الصفر، بالإضافة إلى الزيادة المحتملة من ليبيا ونيجريا وغيرها.
وسوف يشهد شهرا أكتوبر ونوفمبر زيادة في الإنتاج لبعض المنتجين في محاولة الخروج من تأثير التجميد أو التخفيض. لذا يكون الحل الأفضل للأوبك أن تبقى مركزا للحوار والاستشارات دون التدخل في آليات السوق.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2016/10/04