تأخر الرحلات بين الضرورة والإهمال
عبدالله الشهراني ..
التأخر - أو الانتظار - أمر مزعج لأي سبب كان، ويصبح أكثر إزعاجا في حالة السفر، سواء للسياحة أو العمل، وذلك لارتباط المسافر بأمور كثيرة تنتظره في محطة الوصول، مواعيد أو حجوزات فنادق أو رحلات مواصلة (ترانزيت) وغيرها. حالة من الغضب والتذمر تنتاب المسافر جراء هذا التأخير، وهو أمر طبيعي ومقبول نوعا ما، لكن من المفترض أن يكون بوعي ومعرفة.
أسباب إلغاء وتأخر الرحلات يمكن وضعها في حزم ونسب مئوية للتسهيل، نجد أقلها كنسبة تلك الرحلات التي تتأخر بسبب أوضاع وإجراءات أمنية، حيث تصل إلى 0.1%.
يأتي بعد ذلك مباشرة الأحوال الجوية والكوارث الطبيعية، والتي تصل بعض الأحيان إلى أيام تشل فيها الحركة الجوية، كتلك التي حدثت في أوروبا عام 2011 جراء سحابة الرماد المنبعثة من بركان جريمسفوتن الآيسلندي. التغيرات الجوية والكوارث الطبيعية لا تتوقف ومع ذلك لا تتجاوز نسبتها 4.3% من مجموع التأخيرات والإلغاءات. 23.3% هي نسبة السبب الثالث التي تعود إلى مرافق المطار والحركة الجوية. محدودية مرافق المطار من مدرجات ومواقف للطائرات تسبب تأخرا لبعض الرحلات خصوصا في أوقات الذروة والمواسم.. حجم حركة المطار وامتلاء المسارات الجوية لبعض المطارات العالمية التي تستقبل وتودع يوميا قرابة 1000 رحلة. هذا الازدحام الشديد يترتب عليه انتظار في مدرج الإقلاع، ومثله عند بوابة الصالة.
نسبة كبيرة أخرى تتسبب بها شركات الطيران تصل إلى 30% . تندرج تحت هذه النسبة الأعطال الفنية، وتحميل الحقائب، وأخطاء وتأخر الملاحين، وعملية تعبئة الوقود، وتنظيف الطائرات، وإجراءات موظفي الصالة، والمعدات الأرضية، وتجهيز الوجبات، إضافة إلى الأخطاء البشرية.
أما عن النسبة الكبرى والتي تعود إلى سبب الوصول المتأخر للطائرات، حيث تصل النسبة إلى 41.9%، فهذا الرقم الكبير ناجم عن أي تأخير بغض النظر عن سببه، فالطائرة لا تصل متأخرة إلا بسبب تأخر حصل لها في محطة الإقلاع أو في الأجواء أو عند محطة الوصول. تأخر وصول الطائرة يعني تأخر إقلاعها بعد ذلك، وعلى سبيل المثال إذا كانت الطائرة مجدولة لتشغيل ثلاث رحلات أو أكثر، وحدث تأخير في أول رحلة لها، فسوف يحدث ذلك تأخيرا أيضا على جميع الرحلات المتبقية المجدولة لتلك الطائرة.
وكإحصائية لشركات الطيران الأمريكية لعام 2015 والتي قامت بتشغيل 3.4 ملايين رحلة 78% منها أقلعت في موعدها المحدد بواقع 2.65 مليون رحلة، و20% منها أقلعت متأخرة بأكثر من 15 دقيقة بإجمالي 682 ألف رحلة، و68 ألف رحلة تم إلغاؤها بواقع 2% من العدد الكلي للرحلات. كل هذه الأنواع من التأخيرات والإلغاءات تكلف شركات الطيران ما يقارب 22 مليار دولار سنويا.
ومن خلال دراسة جديدة تبين أن التكلفة المباشرة للدقيقة الواحدة كمتوسط تقدر بـ66.5 دولارا، تزيد وتتضاعف وتنقص أحيانا لعدة عوامل، منها حجم الطائرة وموقع المطار، وكون الرحلة دولية أو داخلية...إلخ.
الأحوال الجوية والكوارث الطبيعية والتعامل مع القضايا الأمنية والأعطال الفنية أسباب خارجة عن السيطرة ولا يمكن تفاديها، وعلى المسافرين تقبلها والتعامل معها بهدوء وصبر، وأن ينصب التركيز على إيجاد البدائل إن أمكن، عن طريق تغيير وسيلة النقل إلى قطار أو باص أو تاكسي، أو عن طريق تأجيل موعد أو تغيير حجز فندق... إلخ.
أما بقية أسباب تأخر الرحلات فمن الممكن على شركات الطيران ومشغلي المطارات تفاديها، من خلال تحسين الأداء وتطوير المرافق وزيادة المعدات والإعداد الجيد المسبق للرحلات.
وما سبق لا يعني بالضرورة الرضا والتسليم بالتأخير، لكن الطريقة المثلى التي على المسافر اتباعها هي المطالبة بالحقوق المنصوصة والمتوفرة في مواقع هيئات الطيران المدني حول العالم، أما طريقة رفع الصوت واستفزاز موظفي الصالات والملاحين فهي غير مجدية ولا تليق بأحد وربما تعرض صاحبها للمساءلة. أيضا المقال لا يعفي شركات الطيران تلك التي لا تحترم مواعيدها، ولا تأخذ قضايا تأخر رحلاتها بجدية، ولا تضع الحلول الجذرية لتفاديها مستقبلا.
معلومة أخيرة..
يوم السبت 24/9/2016 م كان عدد الرحلات المتأخرة حول العالم 17,174 رحلة. والملغاة 583 رحلة.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/10/06