المهم ألا يخونك التخطيط!
عبدالله المزهر ..
في الحقيقة أني ارتحت كثيرا بعد أن رد نائب وزير الاقتصاد والتخطيط على منتقدي حديثه عن «الإفلاس» بعد ثلاث سنوات، وقال بأن الأمر لا يتعدى كونه «خيانة تعبير»، ومصدر راحتي ليس طمأنينتي بأن الدولة لن تفلس، فهذا أمر مستبعد إن شاء الله، لأنه ما زال هنالك الكثير من العجائز أنقياء القلوب يدعون بأن يديم الله نعمه على هذه البلاد، أما مسألة التخطيط فإن فيها نظرا في ظل إرث الوزارة الذي أوصلنا إلى هذه المرحلة، اللهم إلا إذا لم يكن التخطيط من مهام وزارة التخطيط.
أما سبب راحتي من رد معاليه هو أنني رجل «يخونه التعبير» كثيرا ولكن الناس لا يصدقونني، أما الآن وبعد أن خان التعبير مسؤولا كبيرا في لقاء ليس مباشرا وتمت مراجعته وتنقيحه فإن على الذين ينتقدون بعض كلامي أن يدركوا الآن أن التعبير خائن متمرس على الخيانة يستطيع أن يخون مهما كانت الاحتياطات.
والتعبير ليس وحده الذي يخون، فالذاكرة تفعل ذلك أيضا، وهي التي قد تتسبب خيانتها في أن يخرج مسؤول الآن ليقول إن «المرحلة السابقة» هي سبب مشكلات المرحلة الحالية، دون أن تساعده الذاكرة «الخائنة» في التذكر أنه هو المسؤول بشحمه ولحمه وبشته في المرحلة السابقة.
الذاكرة والتعبير لا يخونان المسؤولين فقط، بل إنهما يفعلان ذلك مع عامة الناس، فالذين ينتقدون وزيرا لأنه وظف أحد أقاربه تخونهم ذاكرتهم في معرفة أن هذا الأمر تحديدا يكاد يكون من «العادات والتقاليد» السعودية العريقة ولا يخص الوزير وحده. ولو أصبحت مسؤولا كبيرا لوظفت حتى عاملتنا المنزلية ـ باعتبار أنه سيكون لدي واحدة حينها ـ، وربما أعينها مسؤولة ملف إسقاط الولاية في وزارتي.
وعلى أي حال..
أنا متفائل، وأتمنى أن تكونوا جميعا كذلك، وأتمنى ألا يأتي ذات المسؤولين بعد سنوات من الآن ليخبروا الناس أنه قد «خانهم التخطيط»!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/10/26