حوافز سلبية ومبادرات تناقض أهداف الرؤية 2030
فائز صالح جمال ..
من بين أهم أهداف الرؤية 2030 هدف تنويع مصادر الدخل الوطني -وليس تمويل خزينة الدولة من جيوب المواطنين- ومن أهم مصادر الدخل الذي ركزت عليه الرؤية الحج والعمرة باعتبارهما مصدرا متجددا ودائما إلى قيام الساعة.
وتستهدف الرؤية القفز بأعداد المعتمرين من ستة ملايين إلى خمسة عشر مليونا عام 2020 أي خلال أربع سنوات من الآن. وهذا القفز لن يتحقق من تلقاء نفسه وبمجرد رفع القيود الإجرائية لمنح التأشيرات، ومن يعتقد ذلك فهو واهم..
القفز بأعداد المعتمرين من 6 إلى 15 مليونا خلال أربع أعوام وإلى 30 مليونا خلال أقل من خمسة عشر عاما يحتاج إلى تحفيز للمعتمرين أنفسهم من جهة، وتحفيز للمستثمرين في المجالات التي تخدم المعتمرين (السكن والإعاشة والنقل والتجارة بأنواعها) من الجهة الأخرى.
وحتى هذه اللحظة لم يتم الإعلان عن أية مبادرات من أي من الوزارات والجهات المعنية، بينما العكس هو الصحيح.. بمعنى أن ما تم إعلانه من مبادرات حتى الآن يمكن إدراجه ضمن المحفزات السلبية التي سوف تعيق نمو أرقام المعتمرين، هذا إن لم تؤد إلى تراجعها..
بدءا بفرض رسوم على تأشيرات العمرة لمن يكرر العمرة خلال ثلاث سنوات.. ومرورا بتفنن ومبالغة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في فرض رسوم باهظة لترخيص وتصنيف الفنادق وشقق الإيواء تصل إلى سبعين ألف ريال للترخيص وستين ألف ريال للتجديد، بالإضافة إلى التعديلات التي طرأت على رسوم وزارة الشؤون البلدية والقروية.
إذا جمعنا آثار هذه الرسوم التي فرضت على الأنشطة التي تخدم المعتمرين سنجد أنها سترفع كلفة القدوم للعمرة بشكل يحد من الأعداد التي ستتمكن من القدوم لأداء العمرة، ويخفض عدد مرات القدوم وتباعد المدد بين العمرة والتي تليها.. هذا من جهة المعتمرين، وأما من جانب المستثمرين في القطاعات والمجالات التي تخدم المعتمرين فلا شك أن الرسوم المفروضة ستدفع ببعض المستثمرين الحاليين للخروج والتخلص من استثماراتهم في مجال خدمة المعتمرين، وستدفع بالمستثمرين المحتملين إلى الابتعاد عن الاستثمار في هذا المجال.
إن المنطقي والطبيعي والمجرب عند الرغبة في تنمية أي نشاط تجاري هو منح حوافز للأطراف أصحاب المصلحة في هذه التنمية، وعند الاطلاع على تجارب الدول في جذب الزوار نجد أنها تعمد إلى الترويج لذلك من خلال تسهيل منح تأشيرات الدخول في المطارات، ومنح خصومات على تذاكر الطيران وعلى أجور الإسكان وعمل مهرجانات كبرى للتخفيضات وغيرها من عوامل الجذب المختلفة.
وفي حالة تنمية مصدر العمرة كأحد أهم مصادر الدخل الوطني -حسب توصيف الرؤية 2030 له- فالمعتمر يحتاج إلى حوافز لجذبه للقدوم وحوافز لتكرار قدومه من خلال تخفيض كلفة هذا القدوم وليس رفعها.. ومن خلال تسهيل منحه تأشيرة الدخول وليس المزيد من التعقيدات للإجراءات المعقدة أصلا.
ولذلك علينا وقف العمل بجميع الرسوم التي فرضت لآثارها العكسية وإعاقتها لتحقيق أهداف الرؤية 2030.
وبقي أن أقول إن رسوم هيئة السياحة ورسوم البلدية التي ذكرت في هذا المقال لا تأخذ في الاعتبار قدوم المعتمرين والدخل المتحقق من التشغيل، وهو ما يجعلها ضارة جدا بقطاع الإيواء ولها أثر سلبي ومناقض لما تستهدفه رؤية 2030.وللحديث حول مبادرات الوزارات وتناقضها في أهداف الرؤية بقية.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/11/07