من بعض همومنا
مرزوق بن تنباك ..
أجزم أن القضايا التي تهمنا أفرادا وجماعات ليست واحدة بل هي قضايا كثيرة، وقد يكون لكل شخص همومه ومشاكله التي تخصه دون غيره، وهي طبيعة الحياة وتنوعها واختلافها ولا غرو في ذلك، ولكن مع الاختلاف والتنوع هناك ما يجمع الهموم ويوحد المشاعر ويجمع الكلمة لأكثر الناس أو أغلبهم.
ومن هذا النوع الذي يجمع الرأي ويوحد الرغبة ويشارك به الجميع ويهمهم التعليم بكل أصنافه وفروعه وما يحتاجه أولادنا في كل عام، وما نستطيع أن نقدم لهم في مدارسهم وجامعاتهم من أنواع المعارف، هذا الهم لم يفارقنا في كل حين ولم تنقطع أسبابه في كل عام، هم مشروع التفكير فيه والبحث عن أحسن الحلول له، هم يتجدد ونحن سعداء أن يكون همنا لبناء مستقبل أجيالنا وضمان أفضل تأهيل لهم.
كما تهمنا الصحة وما تصل إليه خدماتها ورعاية من يحتاج إلى رعاية صحية في كل مناطق المملكة ومدنها وقراها جعل الله الجميع في صحة وعافية، الصحة ليست تاجا على رؤوس الأصحاء كما كنا نردد في مناهج الدراسة القديمة، الصحة حياة وإنتاج وعمل دائم مستمر لا ينقطع حتى تنقطع الحياة، وهم الصحة أصبح قضية مشتركة وشكوى دائمة في المركز وفي الأطراف.
ويهمنا أكثر من ذلك أفواج الخريجين من الداخل والعائدين من برنامج الابتعاث الخارجي الذين لم يجد أكثرهم عملا بعد تخرجه وبعد عودته من بعثته، وأصبح عبئا على أهله والمجتمع الذي عاد إليه محملا بآمال عريضة صاحبته في كل مراحل دراسته وخطوات حياته ليكون يوم التخرج الذي يقف عنده في دراسته هو يوم الحصاد الأكبر، مع إضافة مهمة من أعداد أكثر تسربوا من مراحل التعليم الأولى ويبحثون عن عمل يستوعبهم، هؤلاء يهموننا جميعا ونتعاطف معهم ويكفي هما أن ترى أعدادا تخرجوا في الجامعات العالمية والمحلية لا يجدون عملا في بلادهم التي يعمل بها ملايين العمال من كل أصقاع الأرض.
وتهمنا الشكوى الدائمة من شح الأرض التي يمكن أن يجدها المواطن ليقيم عليها بيتا له ولعائلته، مع أن مملكتنا الغالية قارة أغلبها صحارى ينقطع فيها المسافر، وليس فيها ضيق ولا شح على أهلها يتسبب في عدم استقرار الكثير من السكان ولا سيما الشباب منهم وما يترتب على ذلك من قضايا اجتماعية واقتصادية كبيرة وخطيرة على السلام الاجتماعي، ولا يصح أن يقال إن عندنا عجزا أو نقصا في الأراضي، هذه قضية القضايا اليوم وقضية القضايا منذ 50 عاما، وما زال همنا يبحث عن حل لصكوك المنح المليونية التي تبحث عن زبون لن يأتي لشح ما في اليد.
ويهمنا ما يحدث على حدودنا من حروب وقلاقل تستهدف أمننا واستقرارنا تستفيد منها دول وعصابات نعرف بعضها وننكر أكثرها ولا نعلم كيف تنتهي هذه الحروب وكيف نخرج منها بسلام أو بأقل الخسائر، حروب عصابات وحروب دول ومحيط ملتهب بالعداوات والحزازات ينذر بالخطر ويهمنا النجاة منها بأقل الخسائر.
ويهمنا ما يواجه مصدرنا الوحيد البترول من انخفاض الأسعار وتوفر البدائل وكثرة المعروض وقلة الطلب والإصرار على المزيد من الإنتاج الأمر الذي يهدد المستقبل الاقتصادي الذي يواجه أزمات عالمية نحن أضعف حلقة فيها.
هذه القضايا الكبيرة التي تهمنا جميعا تهم كل فرد من المواطنين وتهم كل مسؤول مهما كانت وظيفته التي يتولاها.
هذه الهموم المشتركة ليست وليدة الساعة، ولا حدثت اليوم بل هي هموم مزمنة منذ أكثر من 30 سنة، ونحن نواجهها ببعض الحلول ونؤجل حسمها، ونبتعد عن اتخاذ ما تستحق من العناية.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/11/09