غرقى يُفزعهم البلل!
عبدالله المزهر ..
ثم أتت سنة ثماني وثلاثين وأربعمئة وألف بعد الهجرة، الموافقة لستة عشر وألفين منذ ميلاد المسيح ـ كما يزعم النصارى ـ الموافقة لسنة خمس وتسعين وثلاثمئة وألف من التقويم الهجري الشمسي، ولثماني عشرة ليلة انقضت من برج العقرب أُعلن في أمريكا مبايعة العلج دونالد ترامب إماما للأمة الأمريكية.
ثم هاج الناس وماجوا وقالوا إنها النهاية التي كان بنو البشر ينتظرونها، فلم يكن ينقص العالم لتكتمل فصول نهايته إلا أن يتولى زمام أمريكا ـ قائدة العالم ـ شخص أرعن وعنصري ومبتذل ومتهور أحمق، وظهرت أصوات تنادي بالسكينة وتخبر الناس أن أمريكا ليست دول بلاد ما بين المشرقين، وأن الذي يتحكم فيها ويديرها ليس الرئيس الذي يأتي ويذهب، وإنما تديرها مؤسسات لا تذهب ولا تتغير بتغير الرئيس، ولكن كثيرا من الخلق لم يُذهب خوفهم مثل هذا الكلام، ولم يبدد ظلام المستقبل تطمينات المتفائلين من الجنس البشري، الذين يقضون سني أعمارهم في تأمل نصف الكوب الممتلئ حتى يقتلهم الظمأ دون أن يشربوا منه رشفة واحدة.
لكن صنفا آخر من البشر لا يرى كثير فرق بين زعماء بلاد الأمريكان، فكلهم يرتكبون ذات الأعمال وذات الحماقات، ولكن الفارق أن بعضهم يبدو مهذبا حين يتحدث، والبعض الآخر يبدو أخرق، ثم قالوا ما لنا وما للتهذب و«الذرابة» في الحديث إن كانت النتيجة واحدة؟
ويستشهد هذا الصنف الأخير بأن عدد الكوارث التي تسببت فيها أمريكا حين كان يحكمها «العقلاء» أكثر من أن تحصى، فقد هُدمت دول ودور، وقتل خلق كثير، وشُرد خلق أكثر، لأن أمريكا العاقلة كانت ترى ما لا يُرى وترد على ما لم يحدث، فما عساها تفعل أمريكا «المتهورة» أكثر مما فعلت أختها العاقلة؟
وعلى أي حال..
الجانب المضيء ـ بالنسبة لي ـ أنه لم يعد شرطا أن تكون عاقلا ومتزنا لكي تفوز وتتصدر، وهذا يجعلني أنظر إلى مستقبلي بشيء من التفاؤل، وأعتقد أن أحلامي ستتحقق، وأولها أن أكون رئيس تحرير هذه الصحيفة، وأملأ الأرض حكمة و«جزالة» بعدما ملئت تحليلات وتوقعات لا تُصيب.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/11/10