ماذا سنفعل مع ترامب الآن؟
قاسم حسين ..
بصراحةٍ هذا أصعب سؤالٍ يمكن أن يُطرح الآن: ماذا سنفعل مع هذه الداهية التي حلّت على رؤوسنا، وهي فوز دونالد ترامب بمنصب الرئاسة الأميركية.
طبعاً هو لم يصبح رئيساً بعد، ومازال باراك أوباما أمامه فترة شهرين ليغادر منصبه وتحلّ علينا هذه الداهية، وبالتالي فإن شهرين مدةٌ كافيةٌ لنتدبّر أمورنا ونراجع حساباتنا ونعيد ترتيب أوضاعنا، بحيث نتمكن من مواجهة هذه الكارثة التي لم نتوقعها حتى في الكوابيس!
حين ترشّح للرئاسة قلنا بأنه من المستحيل أن يفوز! فهل يمكن للشعب الأميركي الذكي والواعي والصديق، أن ينتخب مثل هذا الشخص الأحمق الذي يريد أن يحارب العالم كله! ولكن ظهر أننا كنا غلطانين. ولم نكن نحن وحدنا المخطئين، بل إن 95 في المئة من الإعلام الأميركي نفسه توصل إلى نفس النتيجة، وكان المعلّقون في محطات التلفزيون الأميركية يضحكون حين تأتي سيرة ترشّح ترامب للرئاسة. كيف فاز؟ هذا إما أنه سرٌ من أسرار الكون، أو معجزة خارقة!
هذا ليس كلامنا، ولكنه كلام الأميركيين أنفسهم، فهم قالوا إنه شخص مغفل وليس له أية خبرة في السياسة، ولذلك كانوا يسخرون منه، مع أنه استطاع سحق كل منافسيه من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وحصل على نسبة عالية من الأصوات.
عموماً، الآن ما جرى جرى، ولا يمكننا تغييره! وعلينا أن نتعامل مع ترامب كما نتعامل مع القضاء والقدر الذي لا مفر منه. إنه مثل الزلازل والبراكين والكوارث الطبيعية. إنه مثل الموت تماماً، هل يمكن أن تهرب من الموت؟
ترامب سيصبح رئيساً بعد شهرين فقط، وقد بدأ بالإجراءات التمهيدية لانتقال السلطة، و(تغمض عين وتفتح عين) تلقاه في البيت الأبيض يأمر وينهى! والمشكلة أنه طوال الأشهر الماضية كان يهدّد ويتوعد، وكانت كل الاستطلاعات تستبعد فوزه، فماذا سيفعل حين يدخل البيت الأبيض بعد شهرين؟
طبعاً يجب أن نفكّر بطريقةٍ إيجابية، لنصل إلى حلولٍ للتعاطي مع هذا المجنون! والأهم أن نتصرّف بعيداً عن الخوف، فحالة الرعب تشلّ مقدرة الإنسان على التفكير. ولنبدأ أولاً بما يمكن عمله في هذه الفترة المتبقية من ولاية أوباما. ويجب أن نعترف أولاً بخطأنا حيث أسأنا له كثيراً بمعاملته كخادم أفريقي، وليس كرئيس أكبر دولة في العالم. وقد بقينا نشتمه ونوجّه له الإهانات طوال السنوات الثمان الماضية. وأعتقد أنه يمكن أن يلعب دوراً جيداً في تسليك الأمور ومدّ الجسور بيننا وبين خليفته ترامب، الذي شتمناه وسخرنا منه أيضاً في الأشهر الماضية!
عموماً، يجب أن نتذكّر أنهم ليسوا مثلنا، فهو لا يركّزون على الشتائم والإهانات، أو يعتبرونها عداوات شخصية، وسرعان ما ينسونها أو يتناسونها، وقد شاهدتم كيف بدأ ترامب خطابه بتوجيه الشكر لعدوته اللدود هيلاري، بعدما كان يسبّها وتسبّه كل يومٍ عشرين مرة.
نحن أمام كارثة حقيقية، ولنبدأ التفكير في حلول وخطط إيجابية لإنقاذنا منها، فهذا الرجل يريد أن ندفع له الجزية، ونكافئه على وجود جيوشه في بلداننا، وإذا فشلت الخطة (أ) لمحاولة مد الجسور، فلتكن لدينا خطط أخرى بديلة، (باء وجيم ودال).
ولمواجهة هذه الكارثة، يجب أن نستنفر كل قوانا العقلية وحنكتنا السياسية وقدراتنا العسكرية والاقتصادية، بما فيها مراكز الأبحاث الإستراتيجية والمحللين السياسيين الذين يظهرون في فضائياتنا من أجل احتواء هذه المصيبة!
عموماً، لنحاول كل الطرق، فإذا فشلت كلها فكما يقول المثل: «آخر الدواء الكي»، علينا أن نفكّر جدياً بوضع خططٍ للإطاحة بترامب قبل أو حتى بعد وصوله إلى السلطة، خصوصاً أن الأوضاع في أمريكا تبدو مهيأةً اليوم لقيام ربيع أمريكي وانطلاق ثورة شعبية للإطاحة بالحكومة الدكتاتورية الأميركية!
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/11/13