«الوطنية لحقوق الإنسان»... من يخالف مالياً يغض البصر إنسانياً
هاني الفردان ..
ملف واسع تناوله تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية هذا العام (تقرير 2015) عن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، قضايا يمكن أن توصف بـ»الفساد» كونها وردت في تقرير معني برصد التجاوزات المالية والإدارية في المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية.
أهم ما شغل الناس تلك الملاحظة التي توقف عندها ديوان الرقابة المالية، وهي أن المؤسسة صرفت راتباً لموظف بإدارة التدريب والتثقيف (يقول إنه ابن وزير معروف) على رغم تغيبه عن العمل لمدة 7 أشهر متصلة، ويبلغ مجموع راتبه 17 ألفاً و542 ديناراً، وتقاضاه من دون وجه حق.
المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وعلى ذمة ديوان الرقابة المالية، إدارياً فإن المؤسسة قامت بعمليات توظيف تحوم حولها شبهة «المحسوبية»، وذلك بعد أن لاحظ ديوان الرقابة «وجود عمليات توظيف تمت من دون عرضها على اللجنة المختصة، والاكتفاء بإصدار قرارات التوظيف بناء على توصية الأمين العام، واعتماد رئيس المؤسسة، الأمر الذي لا يضمن شفافية وموضوعية إجراءات تقييم المرشحين واختيار المرشح الأكفأ لشغل تلك الوظائف».
ما يحدث بشأن عملية التوظيف، يفتح لنا باب تأخر تعيين أمين عام للمؤسسة منذ فترة طويلة جداً، على رغم الإعلان عن الشاغر في الصحف المحلية، فقد عجزت عن اختيار أمين عام لها على رغم استمرار مقعد الأمين العام للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان شاغراً لأكثر من 20 شهراً، وهي المدة المنقضية على استقالة الأمين العام السابق أحمد فرحان المستقيل في (مارس/ آذار 2015).
ما يشاع أن المؤسسة تتعرض لضغوط خارجية، من أجل فرض أسماء بعينها من قبل جهات معينة لتكون أمين عام للمؤسسة.
المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان لم تنفذ أي برامج أو دورات تدريبية لتأهيل كادر وطني متخصص بالتدريب والتثقيف في مجال حقوق الإنسان، ولم تتضمن خطط تدريب الموظفين المعتمدة للأعوام 2013 و2014 و2015 برامج أو دورات في هذا الشأن.
ديوان الرقابة المالية رأى أن عدم تنفيذ هذه الخطوة بعد خمسة أعوام من إنشاء المؤسسة يؤدي إلى استمرار الاعتماد على استقدام الكوادر الأجنبية لتنفيذ الفعاليات والأنشطة التثقيفية والتدريبية في مجال حقوق الإنسان.
المؤسسة الوطنية لم تلتزم بتنفيذ برنامجها التنفيذي للعام 2014، وأن عدد الفعاليات المنفذة خلال العام ذاته بلغت عشر فعاليات فقط من أصل 43 فعالية معتمدة ضمن البرنامج التنفيذي!
وبما أن الحديث كان عن الأمين العام، فإن تقرير ديوان الرقابة المالية في الشق المالي كشف عن أن رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان عرض على الأمين العام للمؤسسة العمل بعقد جزئي في ذات المنصب بتاريخ 23 أبريل/ نيسان 2014، أي قبل يوم واحد من الموافقة على طلب استقالته، الأمر الذي يدل على أن إجراءات استقالة الأمين العام تمت بصورة شكلية، وهو ما ترتب عليه منحه من دون وجه حق مكافأة التقاعد والمعاش التقاعدي اعتباراً من 1 يونيو/ حزيران 2014، بالإضافة إلى استمراره في العمل والحصول على مرتب شهري كأمين عام للمؤسسة!
ولفت التقرير إلى تعديل تاريخ العلاوة الدورية السنوية للأمين العام السابق البالغة نسبتها 12 في المئة، لتصبح بأثر رجعي من يونيو 2013، بدلاً من يناير/ كانون الثاني 2014، وهو ما يعد مخالفة لقانون الخدمة المدنية، وتمت زيادة المعاش التقاعدي للأمين العام السابق من دون وجه حق.
الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي أوقفت صرف المعاش التقاعدي للأمين العام السابق بدءاً من 1 أغسطس/ آب 2014، حال ما تبين لها استمراره في العمل بالمؤسسة، وأوجبت رد المكافأة والمعاش التقاعدي المستلم لشهري يونيو، ويوليو/ تموز 2014 إلى الهيئة، وهو ما لم يتم حتى انتهاء أعمال الرقابة في ديسمبر/ كانون الأول 2015!
على رغم ما تمر به البلاد من أزمة مالية، وعلى رغم إقرار مجلس المفوضين للمؤسسة بإتباع سياسة ترشيد الإنفاق في اجتماعه في أغسطس 2014، وذلك نظراً لتزايد العجز المالي، إلا أنه تبين قيام المؤسسة بالكثير من الأمور المتعارضة مع ذلك، وخصوصاً على صعيد ارتفاع عدد المشاركين في الوفود التي تمثل المؤسسة في الاجتماعات الدولية، وخصوصاً خلال العام 2015، بالإضافة إلى صرف الأمانة العامة للمؤسسة تذاكر سفر على درجة رجال الأعمال لعدد من المشاركين في المهام الرسمية، بما يتعارض مع سياسة ترشيد الإنفاق التي أقرها مجلس المفوضين ولائحة شئون الموظفين، والتي تقتضي منح الموظفين من غير شاغلي الوظائف العليا ورؤساء الوفود تذكرة سفر على الدرجة السياحية.
تذكرة سفر رئيس وحدة شئون اللجان إلى منغوليا بقيمة 1940 ديناراً، وتذكرة سفر لرئيس وحدة الشئون الإدارية في المؤسسة بقيمة 1,395 ديناراً.
كلفة مشاركة ستة موظفين من المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في الاجتماع السنوي العشرين لمنتدى آسيا والمحيط الهادي بمنغوليا بلغت 18,784 ديناراً.
كلفة مشاركة ستة موظفين من المؤسسة في برنامج بالتعاون مع مؤسسة الجسر لبناء السلام في المملكة المتحدة وإيرلندا، بلغت 13,392 ديناراً، وكلفة مشاركة خمسة موظفين في اجتماعات الدورة الـ29 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف بلغت 11,974 ديناراً.
مع جملة التجاوزات السابقة، لا يمكن الحديث عن أن تلك المؤسسة يمكن أن يكون لها دور حقوقي مستقل ومنصف وعادل، قادر على مواجهة الجهات الرسمية ومقارعتها لإنصاف المواطن البسيط، فمن يقع ويمارس تلك التجاوزات وخصوصاً المالية، يكون مسلوب الإرادة ولا يملك موقفاً يمكن أن يوصف بـ «التصادمي»، لأنه من السهولة جداً محاسبتهم على تجاوزاتهم، فمن يتجاوز ويخالف مالياً سيتجاوز ويغض البصر إنسانياً.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/11/14