كيف اكتسب «ترامب» ثقة الشعب الأميركي؟
فايز الشهري ..
لم يكن فوز الرئيس الأميركي المنتخب "دونالد ترامب" مفاجأة عند من كان يقرأ ملامح المجتمع الأميركي في ضوء تأثير المتغيّرات الجديدة داخل الولايات المتحدة الأميركيّة وخارجها. وفي هذه الزاوية تم التطرّق في 7 مارس 2016 إلى أن المزاج الأميركي بات جاهزا لتغيير المعادلات لصالح "ترامب" وهذا ما حصل. بكل بساطة كان "دونالد ترامب" طيلة الحملة الانتخابيّة يركز على القضايا التي تهم وتؤرق المواطن الأميركي ثم يشير بكل وضوح إلى المسؤولين عنها وأنّهم أيضا من أسباب تراجع قوّة بلاده مؤكدا على هدفه وشعاره بأن يجعل أميركا عظيمة "مرة أخرى". وفي الجهة الأخرى كان تركيز خصومه السياسيين ومعهم قسم مهم من الإعلام الأميركي والعالمي على شخص "ترامب" وأسلوبه.
وعلى الرغم من أن "ترامب" جمهوري يحمل البطاقة الذهبيّة في نادي الأغنياء إلا أن لغته المباشرة تحاكي هموم وألفاظ الطبقة الأميركيّة الوسطى ويقول ما يقولون ويسمي الأشياء بأسمائها دون اكتراث بما تتطلب الطبيعة السياسيّة من موازنات "Political correctness'". وفي الناحية الحزبيّة تحديدا فإن "ترامب" وإن كان مرشح الجمهوريين إلا أنّه لا يكترث ببعض تقاليد الحزب ويظهر مستقلّا إلى حد كبير ناهيك عن حقيقة أنّه "متحول" عن الحزب الديمقراطي قبل سنوات. وفي المئة يوم الأولى من عمله ربما نرى شواهد بعض العقبات مع شروع "ترامب" في تنفيذ بعض ما وعد به على الرغم من سيطرة حزبه على المجلسين إلا أن خصومه داخل حزبه ربما يكونون أشرس ممن هم في خارجه.
ولأن "ترامب" متمرّس في التجارة والصفقات ويجيد قراءة رأي الناس عن دور الإعلام السلبي لم يجد غضاضة في الهجوم على كبريات المؤسسات الإعلاميّة بالاسم. ومن شواهد ذلك أنه في حفل عشاء اجتماعي حضره مع "هيلاري كلينتون" بعد المناظرة الثالثة بأيام قال في كلمة بروتوكولية أمام الحاضرين إنّه يرحب بها وبفريق حملتها الانتخابيّة الحاضرين معها، ثم أشار في ذات القاعة الى رئيسي محطتين أميركيتين شهيرتين وذكر صفتهما مع رئيس تحرير صحيفة نيويورك تايمز باعتبارهم في فريق حملتها. وفي مسألة الإعلام تحديدا فمنذ ظهور الانترنت والإعلام المؤسسي في تراجع، انتشارا جماهيريا ومحتوى موثوقا به. ومما لا جدال حوله أن المهنيّة الإعلاميّة بكل مواثيقها الأخلاقية تراجعت كثيرا في الولايات المتحدة والعالم في العقود الأخيرة تبعا للاحتكارات والمصالح وقوة عناصر الجذب السياسي والأيديولوجي وهو ما استثمره "ترامب" وفريقه معولين على وعي الناس وضيقهم من كثير ممّا يقرأون ويسمعون ويشاهدون. وإجمالا فقد دشّن "ترامب" حين بدا مستقلّا الحقبة الشعبوية وربما سيلعب خارج أقواس النخبة الظاهرة والمستترة فإن فعل ذلك فقد يدفع ثمنا ضخما من أمنه وحياته.
قال ومضى:
شطبتك من حياتي فارتحل من زوايا ذكرياتي.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2016/11/14