نتائج الانتخابات الأميركية.. وأوبك
فهد محمد بن جمعة ..
الجمهوريون دائما يدعمون القطاع الخاص أكثر من الديمقراطيين، فما بالك برئيس أفنى عمره كرجل أعمال ومازال يفكر بهذه الطريقة (بقوله أنني أعرف ما أعمل وكونت ثروة بليونيرية) كما ظهر جليا في حملته الانتخابية، بدعمه الواضح للشركات ورفع القيود عن استثماراتها وتخفيض الضرائب المفروضة عليها من أجل تقليص تكاليفها وزيادة نموها وتنافسيتها. أن الكثير من الاحتمالات قائمة خاصة انه صرح بذلك بتعزيز منافسة الشركات الأمريكية وجعل الاقتصاد الأمريكي جاذبا للاستثمارات المحلية والخارجية. وبهذا فأن الأوبك سوف تواجه ليس فقط زيادة إنتاج النفط الصخري بل حتى زيادة النفط التقليدي في إطار احتمالات الرئيس الجديد.
هكذا استبشرت شركات استكشاف وإنتاج النفط الأمريكي بمستقبل أفضل بانتخاب الرئيس «ترمب» الذي دائما يدعم هذا قطاع، مما سيكون له أثرا على تراجع الأسعار الأمريكية والعالمية في ظل تخمة الإنتاج الحالية. فمن المحتمل فتح الأراضي الاتحادية للحفر والذي سيزيد من الإنتاج التقليدي وغير التقليدي مع مرور الوقت، ودعم إقامة خط الأنابيب الذي يمتد من داكوتا الشمالية إلى مصافي النفط في ولاية إيلينوي بطول 1,100 ميل وبتكلفة 3.7 مليار دولار، وكذلك السماح بتنفيذ خط أنابيب XL كيستون لنقل النفط الرملي من كندا «ألبرتا» إلى المصافي على الخليج الأمريكي. كما من المحتمل إلغاء المليارات التي تدعم برامج تغير المناخ في الأمم المتحدة والطاقة المتجددة.
لذا تراجعت إسعار النفط بعد ارتفاعها في صباح يوم الأربعاء عند إعلان فوز ترامب في نفس اليوم، حيث تراجع نايمكس 4% إلى 43 دولارا وبرنت إلى 46.70 دولارا. كجزء من ردة فعل السوق على نطاق واسع، حيث تخلص المستثمرين من الأصول ذات المخاطر العالية مثل الأسهم والدولار والتي تحولت منذ ذلك الحين إلى الايجابية.
إن مفاجأة فوز ترامب قبل ثلاثة أسابيع من اجتماع الأوبك في 30 نوفمبر، يشكل معضلة أمام إستراتيجية تجميد إنتاج الأوبك بعد تصريحه بجعل الولايات المتحدة مستقلة في اعتمادها على الطاقة من خلال إزالة القيود المفروضة على التنقيب في الأراضي الفدرالية، مما سيزيد من الإنتاج المحلي ويوفر قدر أكبر من الإمدادات بأسعار منخفضة. وهذا سيقلص من واردات النفط الأمريكية وينعكس سلبيا على وارداتها من بعض أعضاء الأوبك، كما حدث من قبل مع وارداتها من الجزائر ونيجريا التي استغنت عنهما.
فمنذ أن قررت السعودية تعظيم حصتها السوقية في 27 نوفمبر 2014م، لم يتراجع الإنتاج الأمريكي إلا في 2016م من 9.4 مليون في 2015م إلى 8.7 مليون برميل يوميا حاليا، وتتوقع إدارة معلومات الطاقة أن يبلغ متوسط الإنتاج 8.84 مليون هذا العام و 8.73 مليون برميل يوميا العام المقبل.
أن هذه الاحتمالات مقلقة لمنتجين النفط في الأسواق العالمية، حيث أنها سوف تخفض تكلفة المنتجين الأمريكيين وتسمح لهم بزيادة إنتاجهم، مما سوف يمارس ضغوط على الطلب العالمي ومن ثم الأسعار العالمية، بالإضافة إلى ارتفاع إنتاج الأوبك إلى 33.54 مليون برميل يوميا في أكتوبر. كما أن احتمالية رفع سعر الفائدة الأمريكية التي يؤيدها ترامب ستساهم في رفع قيمة الدولار لينعكس ذلك سلبيا على أسعار النفط.
فلن ترتفع الأسعار مع تقلص الاضطرابات الجغرافية السياسية أو انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني لتتقلص صادراته بمليون برميل يوميا والذي سيقابله زيادة الصادرات الليبية والعراقية وزيادة تنافس أعضاء الأوبك في الأسواق الأوربية والآسيوية مع ارتفاع إنتاج النفط الصخري. هكذا تكون حالة عدم اليقين المحيطة بنهج ترامب في الاقتصاد والتجارة العالمية، مثيرة في الأسواق المالية وبين المستثمرين مع احتمالية ضعف نمو الاقتصاد والطلب العالميين على النفط.
وفي كل الاحتمالات ستحدد أساسيات السوق أفضل الأسعار الممكنة عند مستويات من الأسعار دون 50 دولارا في السنوات القادمة، إلا إذا استمر المنتجون الكبار في تعظيم حصصهم السوقية.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2016/11/15